إضاءات وتنويرات على ما جرى في كلية الآداب والفنون والإنسانيات

0

إضاءات وتنويرات على ما جرى في كلية الآداب والفنون والإنسانيات

محمد بن الطيب     

   رئيس وحدة   البحث « الظاهرة الدينية في تونس »

  كلية الآداب والفنون والإنسانيات

  جامعة منوبة

على إثر ما كثر من لغط في بعض وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي حول وحدة البحث « الظاهرة الدينية في تونس » ورئيسها بسبب تعمّد مجموعة من طلبة كلية الآداب والفنون والإنسانيات انتهاك قاعة المحاضرات، وإيقاف أشغال ندوتها العلمية الثالثة بالقوة القاهرة، يهمّنا أمام الكمّ الهائل من التشويه الذي أصاب الوحدة البحثية ورئيسها أن نوضّح للرأي العام أن هذه الوحدة تجنّبت الطريق السهل الذلول في اختيار حقلها البحثي، وركبت الطريق الصعب الحرون، وهو أن تدرس الظاهرة الدينية في بلادنا الآن وهنا. واتخذت لمشروعها البحثي الأهداف التالية:

– دراسة الظاهرة الدينية في تونس في نطاق مقاربة متعددة الاختصاصات (علم الاجتماع، علم النفس، الإناسة الدينية، العلوم السياسية والقانونية…)

– وصل الظاهرة الدينية بجذورها التاريخية مع مقاربتها ميدانيا للوقوف على العوامل النفسية والاجتماعية المؤثرة فيها.

– الغوص على البنى الفكرية لمختلف الحساسيات الدينية وعلاقاتها بالآخر وذلك بتحليل عميق لخطاباتها.

وهي في كل ذلك تروم اعتماد منهجية علمية لمزيد فهم الظاهرة الدينية في تونس في أظهر خصوصياتها.

أما الأهداف الخصوصية لمشروعها فتتمثل في دراسة الظاهرة الدينية في تونس عامة في مختلف تجلياتها ابتغاء فهمها فهما أفضل. وذلك ما يقتضي تحليل جذورها والوقوف على أصولها وتطوّرها في التاريخ وعوامل ظهورها وعقائدها وسلوك أفرادها وجماعاتها وتحليل المرجعيات النظرية لمختلف الاتجاهات الدينية لاستكشاف البنى العميقة لفكرها والآليات المتحكمة فيه وتفسير علاقات ذلك الفكر بالواقع الاجتماعي والثقافي والسياق التاريخي عموما.

وأما مجالات اهتمامها فهي مكونات الظاهرة الدينية في تونس:

  • الجماعات السلفية
  • مختلف تيارات الإسلام السياسي
  • الطرق الصوفية
  • الأقليات الدينية
  • أنماط التديّن

أما خطتها البحثية فتقوم على:

  • جمع أكبر كمّ من المعلومات المتعلقة بالظاهرة الدينية في تونس في مختلف تجلياتها وأشكالها وتكوين بنك من المعطيات يوثّق لمختلف الحساسيات الدينية من خلال أدبياتها المكتوبة والشفوية ودراستها دراسة علمية متنوعة المقاربات (لسانية، إناسية، سوسيولوجية، نفسية، فلسفية، سياسية، قانونية، كلامية، فقهية…) ويكون المنطلق بتجميع أهمّ النصوص المرجعية لمختلف مكونات الظاهرة الدينية في تونس، ثم تنظيم عناصر المدوّنة وتصنيفها لتكوّن بنكا من المعطيات الغنية القابلة للدراسة.
  • تقسيم فريق البحث إلى مجموعات بحثية صغرى تدرس كلّ مجموعة مكوّنا من مكونات الظاهرة الدينية في تونس على النحو التالي:
  • وصف الظاهرة
  • ضبط خصائصها
  • تحليل أصولها وآليات اشتغالها

والهدف العام من المشروع أن يقدّم عملا متكاملا يمكّن من معرفة الظاهرة الدينية في مختلف أبعادها: عناصرها الأساسية، تاريخها، مبادئها وأفكارها ومقاصدها وأهدافها.

أما النتائج التي نروم الوصول إليها في مشروعنا البحثي فهي الإسهام في:

  • الدراسة العميقة لظاهرة اجتماعية حية ومزيد فهمها فهما علميا.
  • عقلنة الوعي الجمعي.
  • إرساخ مبدأ العيش المشترك.
  • تفكيك ثقافة التنافي بين فئات المجتمع وتجاوزها.
  • نشر روح النقد الذاتي.
  • تجنب الأحكام المسبقة في تقويم الظاهرة الدينية والاحتكام في فهمها إلى البرهنة العلمية بعيدا عن كل تأويل مذهبي أو إيديولوجي.

هذا هو ملخص المشروع الذي تقدمنا به إلى الهيئة الوطنية للبحث العلمي، والذي تمّ بناء عليه وعلى استجابتنا للشروط القانونية لتأسيس هياكل البحث بالجامعة التونسية الموافقة على إحداث وحدتنا البحثية الفتية، وقد ألمعت في بياني الأول إلى أهم منجزات الوحدة ومنشوراتها العلمية التي تناولت بالدرس مختلف مكونات الظاهرة الدينية في بلادنا، ولم يبق لها في مشروعها المتعاقَد عليه مع هيئة البحث العلمي إلا أن تتناول بالدرس الإسلام السياسي في تونس، فكانت الندوة التي مُنعنا من انعقادها عنوة مندرجة في مسار بحثي متكامل، مع العلم أنّ معظم المشاركين فيها هم من أعضاء الوحدة (10 من 17)، وأمّا بقية المشاركين من خارجها فهم من كبار المختصين في هذا المجال، ومن ثمّ فإن اتهام الوحدة ورئيسها بـ »التوظيف السياسي والحزبي للأنشطة العلمية والأكاديمية » هو محض افتراء، روّجه السيد العميد زورا في تصريحاته، والحال أن صفحات التواصل الاجتماعي تتداول له صورا كان فيها منذ بضع سنوات -وما بالعهد من قدم- يتمسّح على أعتاب حركة النهضة ويأكل من فتات موائدها طمعا في منصب لم ينله، فهو الذي ذهب إلى النهضة متسوّلا مستجديا متمسّحا، أمّا نحن فقد جاءتنا النهضة إلى حرمنا الجامعي ولم ندعها، ولم نذهب إليها قطّ، جاءنا اثنان من زعمائها يريدان أن يريا صورة حركتهما في مرآة النقد الأكاديمي، عسى أن يفيدا منه فيما هم بسبيله من مراجعات لأطروحات التيار الذي ينتميان إليه.

هذا الكذب الصراح والبهتان العظيم لم تتورّع السيدة الكاتبة العامة لنقابة الأساتذة بالكلية عن نشره للعموم في بيانها الذي فضح جهلها بالقانون المنظّم لعمل هياكل البحث. وعوض أن تنهض بالدور الموكول إليها في الدفاع عن منظوريها -وأنا منهم- انبرت تدينني وتبرّر العنف المسلط عليّ، ذنبي الوحيد أنني أشرفت على تنظيم ندوة هي من صميم المشروع البحثي للوحدة، وهي أعلم الناس به، إذ هي من الأعضاء المؤسسين لهذه الوحدة، ومن المشاركين في الندوة، قرّرت دون سابق إعلام، ودون تقديم أي اعتذار، أن تنسحب من المشاركة فيها يومَ انعقادها، وقد أرسلنا إليها البرنامج عبر البريد الإلكتروني قبل انعقاد الندوة بأيام، وهي من المشاركات في الكتاب الخامس الذي ستصدره الوحدة في الأيام القليلة القادمة بعنوان: السلفية في تونس: الأسس والخطاب. لقد استبان لها فجأة و »بنور قذفه الله في صدرها » أن هذه الوحدة البحثية التي انتمت إليها منذ تأسيسها سنة 2014 ذات « توظيف سياسي وحزبي للأنشطة العلمية » لا لذنب جنته سوى أنها أرادت أن تضع على بساط الدرس العلمي الرصين لأوّل مرّة في ندوة علمية بالجامعة التونسية مسألة الإسلام السياسي في بلادنا، وكأن الوحدة أتت شيئا إدًّا وارتكبت إثما عظيما وخاضت في موضوع محرّم. والعجيب أن السيدة الكاتبة العامة لنقابة الأساتذة التي أعلنت انسلاخها من الوحدة صبيحة انعقاد الندوة قد اعتبرت « محتوى الندوة توظيفا حزبيا لوحدات البحث » و »دعاية انتخابية سابقة لأوانها لحركة النهضة »، وهذا لعمري إفك مبين وبهتان عظيم، فكيف لها أن تصدر هذا الحكم الذي يقطر تسييسا على محتواها وهي لم تستمع إلى مداخلاتها؟ أليس هذا على طريقة « هذا على الحساب قبل أن أقرأ الكتاب »؟

لقد تعمدتُ نسبة الكلام إليها في البيان لأنّني أربأ بزملائي الذين أعرف رصانتهم العقلية ومكانتهم العلمية أن يوافقوها على هذا الكلام غير المسؤول، بلْهَ أن تكون ناطقة باسمهم، وهم عقلاء حكماء وفيهم العارفون بالنصوص القانونية المنظمة لعمل هياكل البحث، فحاشاهم أن يتورّطوا فيما تضمنه البيان من جهالات وضلالات وافتراءات. لقد جرّت هيكلهم النقابي إلى ما يعود عليها بالشنار فلا عجب أن يلاقي لدى الأحرار موجة من الاستنكار.

وهي تعلم قبل غيرها أنني لم أكن يوما منتميا إلى أيّ حزب سياسي. ولقد مضى عليّ الآن في هذه الكلية خمسة وعشرون عاما كان البحث العلمي فيها همّي وديدني، وكانت إفادة طلبتي تدريسا وتأطيرا شغلي ومتعتي، ولم أطمح إلى أي منصب سياسي، ولم أتطلّع إلى أيّ منصب إداري، لولا أنّ زملائي ألحّوا عليّ أن أتولّي إدارة القسم سنة 2014 فقبلت مكرها. وهم يشهدون -على اختلافهم- أنني لم أقصّر خلال مدّة إدارتي في خدمتهم ولم أدّخر الوقت والجهد في السعي إلى رفعة قسمهم ورعاية طلبتهم، لأنني كنت أنظر إلى تلك المسؤولية الجسيمة على أنها تكليف لا تشريف، ولم آلُ جهدا في تطوير القسم من الناحية العلمية، فاقترحت على مجلس القسم نشاطا علميا شهريا أسميته « لقاء الأربعاء » كنا نتناول فيه أساتذة وطلابا بالقراءة والنقاش أحدث المنشورات العلمية لأساتذة القسم المباشرين منهم والمتقاعدين.

على أنّ ممّا نُقِم على هذه الوحدة منذ نشأتها وقبل أن تبدأ نشاطها أنّها أفسحت المجال لبعض الإسلاميين لعضويتها، وكثُر التشنيع عليّ لأنني سمحت لبعض أساتذة الجامعة الزيتونية الذين طلبوا الانضمام إلى الوحدة أن يكونوا ضمن باحثيها، وكأنّ هؤلاء لا يحقّ لهم بحكم انتمائهم إلى الجامعة الزيتونية أن يكونوا ضمن وحدة بحثية تابعة لكلية الآداب، وكأنّ الكلية قلعة حصينة عالية الأسوار لا يدخلها إلا من كان من أهلها، مع العلم أن هؤلاء جميعا هم من خريجي كلية الآداب، غير أنهم يدرّسون بمعهد الحضارة الإسلامية التابع لجامعة الزيتونة، باستثناء أستاذ وحيد مختص في علوم القرآن، كان انضمامه إلى الوحدة غُنما لها لأنه كان في غاية الجدية والنشاط وقدم لها خدمات جليلة.

ينبغي أن يكون واضحا أنني لم أميّز قط بين زملائي وطلبتي بحسب ألوانهم السياسية أو انتماءاتهم الفكرية والإيديولوجية، ولم تكن تعنيني على الإطلاق، ولذلك كانت هذه الوحدة التي أسّستها صحبة ثلة من الزملاء من مختلف التوجهات الفكرية متنوعة، فقد اجتمع فيها القومي والإسلامي واليساري واللبرالي ومن لا توجه له أصلا. فالعقد بيننا هو الالتزام بضوابط العلم واطّراح الإيديولوجيا خارج الوحدة.

إن ما لقيت من أجله اللوم والتقريع والطعن والتشنيع هو أنني لم أُقْصِ أحدا، ولم أرفض طلب أي باحث جاء يريد النشاط في الوحدة إذا كان مستجمعا للشروط القانونية للعضوية، ولديّ اقتناع راسخ بأن هياكل البحث إنما جُعلت لتمكين الباحثين مهما كانت ألوانهم السياسية وانتماءاتهم الفكرية من إطار ملائم لتأطير أنشطتهم البحثية، وليس البحث العلمي مقصورا على اتجاه إيديولوجي دون آخر، ولم آل جهدا في دعوة زملائي في الكلية عموما وفي قسم العربية خصوصا إلى الانضمام إلى الوحدة والإسهام في نشاطها واقتراح ما يرونه مفيدا في إطارها، ولكن لم يستجب لدعوتي إلا القليل.

أما الندوة التي كان من المقرر أن تنعقد يومي 26 و27 أفريل 2019 لولا أن عُطّلت عمدا فمما ذكرته في ختام كلمتي في افتتاحها: « سيكون الخطاب مشدودا إلى العلم برباط وثيق متشبّثا بأذيال الموضوعية، بعيدا عن التجاذبات السياسية والأهواء الإيديولوجية، فليس هدفنا في هذه الندوة العلمية إطلاق الأحكام القيمية، وإنما منتهى غايتنا تعميق الفهم لظاهرة سياسية دينية، رائدنا الاستفادة من منجزات العلوم الإنسانية لوصفها، والوقوف على تاريخيتها وضبط خصائصها وأبعادها، وتحليل أصولها ومرجعياتها وآليات اشتغالها، مع تجنب الأحكام المسبقة في نقدها والاحتكام في فهمها إلى البرهنة العلمية بعيدا عن كلّ جدل سياسي أو إيديولوجي. في قراءات رصينة هادئة تلتزم بضوابط العلم وتستضيء بنور العقل. ولله درّ أبي حيان التوحيدي إذ قال في البصائر والذخائر: « والعقل هو الملك المفزوع إليه، والحكَم المرجوع إلى ما لديه، عند حيرة الطالب، ولَدَد الشاغب ويَبَس الريق، واعتساف الطريق ».

فهل بعد هذا نوصَمُ إفكا وزورا وظلما وعدوانا بأننا نسعى إلى « تبييض » الإسلام السياسي والدعاية له؟ وأنّى لهذا الباطل أن يروج على من له أدنى مُسكة من عقل وفي المشاركين في الندوة من كبار الباحثين من يعلم القاصي والداني أنه أبعد ما يكون عن تيارات الإسلام السياسي؟ بل فيهم من هو من خصومه أصلا.  لعَمْرُك هذا بهتان عظيم ذو مسعى أثيم. إنه يجري إلى غاية معلومة مسطّرة سلفا، هي تدمير الوحدة البحثية التي أقضّت مضاجع النفوس المريضة بنشاطها الحثيث وإنتاجها العلمي الغزير حتى لا تقوم لها قائمة، وتشويه السمعة العلمية لرئيسها حتى يركن إلى الخمول ويتقاعد قبل الأوان.

وأما ما تردّد من أننا دعونا الشخصيتين السياسيتين إلى الندوة، وما قيل من أننا استضفناهما لتقديم شهادة ضمن أعمال الندوة، وما ذكره أحد نواب الشعب من أنّه تلقى منّا دعوة رسمية كما تلقاها غيره من النواب، فكل ذلك عار من الصحة تماما، فلم ندْعُ أحدا، بل لم نطبع بطاقات الدعوة أصلا، اقتصادا في النفقة، وإنما اقتصرنا على نشر معلقة الندوة وبرنامجها على مواقع التواصل الاجتماعي. ولا نتحمل أي مسؤولية في دخول الشخصيتين السياسيتين الحرم الجامعي، إذا كان هذا الدخول محظورا عليهما، مباحا لغيرهما من الوجوه السياسية التي لمحناها تجول في الكلية في كثير من المناسبات، ولم نرها تلقى إلا كل الترحيب والاحتفاء، وإنما المسؤولية على عميد الكلية، فلها إدارة تحت إشرافه وحرّاس طوع أمره وبوّاب رهن إشارته، وكاميرا المراقبة في مدخل قاعة حسن حسني عبد الوهاب عين راصدة لكل داخل وخارج يراه العميد وهو في مكتبه، فأنّى له أن يتعلّل بأنه لم يكن على علم بحضورهما، وأنه كان في مكتبه في ذلك الوقت؟ إنه تجاهل العارف قطعا، لقد مكثنا ننتظر مَقْدَمه الأيْمَن ومجيئه الأزْيَن ساعة كاملة، عساه يشرفنا بافتتاح ندوتنا كما وعدنا، ولكنه أخلف موعدنا عن سابق عمد وإصرار، لأمر أسرّه في نفسه، والعجب تصريحه لبعض وسائل الإعلام التي حاورته أن الندوة وطنية وليست دولية حتّى يلقي فيها كلمة، فمقامه الرفيع لا يسمح له باستقبال ضيوفه إلا إذا كانوا من الأجانب، أما ضيوفه من بني وطنه فلا يستحقون منه غير التجاهل والإعراض.

وهَبْهُ لم يكن يعلم بحضور الشخصيتين السياسيتين، ألم أذهبْ إليه منذ البوادر الأولى لحدوث الاعتداء مستنجدا، ملتمسا من سيادته التفضّل بالتدخل لحماية نشاط علمي يقع تحت مسؤوليته وكان أمام مبنى العمادة على بعد بضعة أمتار من قاعة حسن حسني عبد الوهاب يرقب مشهد الانتهاك، فلم يلتفت إليّ أصلا، ولم يزد على أن قال لي وهو يمشي في طريقه إلى مكتبه: « ما عندي ما نعمل لك ». وقد كان قادرا لمكانته الاعتبارية وتحبُّبه إلى الطلبة وتقرّبه منهم أن يكفّ عن الندوة شغبهم بكلّ سهولة، لاسيما وقد ازدادت شعبيته عندهم بعد أن ذاع تصريحه بأنه لو خيّر بين الانتصار لمصلحة الطلبة والعمادة لاختار الاستقالة منها وانضم إلى صفوف أبنائه الطلبة، أو أن يطلب من الشخصيتين السياسيتين المغادرة، وما كانا ليمتنعا لو فعل.

فما كان منّا إلا أن أعلنّا -بكل أسف- عن إلغاء الندوة بكليتنا التي هي – في تقديرنا- الأَوْلى باحتضان أنشطتنا العلمية، في انتظار تنظيمها في فضاء آخر.

إن ما حدث سابقة خطيرة تسيء إلى كلّيتنا وجامعتنا ووزارتنا، ولا تشجّع على البحث في الظاهرة الدينية في بلادنا. على أنّ أشدّ ما حزّ في نفوسنا أنّ هذا الاعتداء الصارخ الأثيم على ندوة علمية تنظمها وحدة بحثية قانونية في صرح من صروح جامعتنا التونسية، وهذا السلوك الشائن الأرعن الذي ينبئ بخطر محدق يهدّد مستقبل كليتنا باعتبارها فضاء للحريات الأكاديمية، بل يضرّ بقطاع الإنسانيات في جامعتنا ضررا فادحا، لم يجد – مع الأسف- عند كثير من زملائنا الجامعيين إلا التفهّم والتبرير، بل لقي عند بعضهم التأييد والتقدير، أما الجمّ الغفير منهم فلم نسمع لهم رِكْزا.

محمد بن الطيب

                                                  رئيس وحدة البحث « الظاهرة الدينية في تونس »

                                                         كلية الآداب والفنون والإنسانيات

                                                                  جامعة منوبة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.