نشهد ان لكل مكان على هذه الكرة الأرضية تاريخ زاخر و أحداث خلدت أبطالا و شخصيات دافعت بشراسة عن إرثها الثقافي و هويتها أمام مختلف الغزوات و الحروب و محاولات الطمس التي يمارسها الانسان القوي ضد الانسان الضعيف لفرض هويته. ومثلها مثل كل البلدان مرت على البلاد التونسية حقبات تاريخية عديدة و شخصيات لا يمكن حصرها من القادة و الفدائيين منهم من خلده التاريخ و منهم من دفن وراء تزييف التاريخ. وايمانا بقدرة القلم على تحرير ما سجن خلف مقبرة التاريخ المهمشة نحاول جاهدا تحرير ما يمكن من الماضي ليرسخ في عقول من سيولد في المستقبل.
- -القديسة بربتوا
منذ التاريخ أثبتت نساء قرطاج قبل التأسيس و بعد الهدم قوتهن على التحدي و اثبات الوجود. ومثلها مثل باقي نساء التاريخ التونسي أثبتت القديسة بربتوا معنى التضحية في سبيل الحريات و الأرض. هذه المرأة القوية التي لا تقل قيمة عن عليسة و غيرها ولدت عام 181 في مدينة قرطنجة في أسرة غنية و ثنية ولم تكن لها اي علاقة بالأديان. تعمدت لتدخل الدين المسيحي في سن 22. حاول والدها ردعها و تهديدها بطفلها الوحيد ولكنها رفضت و واصلت تشبثها بحريتها امام كل التهديدات و العراقيل.
-اعدام القديسة بربتوا
أمر الامبراطور الروماني سبتميوس ساويرس بإلقاء القبض عليها ووضعها في السجن لتمارس عليها أبشع انواع العذاب بتهمة وحيدة وهي البحث عن حرية المعتقد. صمدت بربتوا أما طرق التعذيب التي راح ضحيتها إبنها الوحيد. وتم رميها في ساحة إلى بقرة وحشية نكلت بها أشد تنكيل. كانت تتألم و ثيابها ممزقة ورغم ذلك أصرت على تغطية جسدها بما تبقى من أشلاء ملابسها. لذلك أطلق عليها لقب شهيدة العفة. وبعد ذلك أمروا بقطع رأسها و قد حاولوا فصله عن جسدها أكثر من مرة و لكنه سقط بعد محاولات عديدة بالسيف يوم 6 مارس من سنة 203م.
-تاريخ نضال الحريات في تونس
منذ القرون الأولى الى اليوم شهدت قرطاج نضالات و تضحيات النساء من اجل الحريات و الكرامة. من أجل حفظ حق المرأة في تقرير مصيرها كونها الى اليوم تعاني من تقصير في الحقوق. لا ننسى شهيدات العنف الزوجي اللواتي قتلن بنفس طريقة بربتوا و بطرق أبشع منها. ولا ننسى شهيدات العائلات التي تتنفس نظرة المجتمع على حساب حياة بناتها وتحت ما يسمى الدفاع عن الشرف و أخذ الثأر. فكم من بربتوا قتلت ومزالت تقتل و ماتت وهي على قيد الحياة فقط لأنها إختارت أن تكون حرة.
ملاك عروة