يؤمن أغلب المعتقديين بالاديان أن الصلاة عماد لكل ممارساتهم الدينية دون تمييز توجههم. من هذا المنطلق ومنذ ظهور الأديان شيدت بيوت الصلاة لتجمع روادها تحت سقف العبادة و تزيد من خشوعهم و علاقتهم الإلاهية. و لطلما مثلت بيوت الصلاة رمزا روحيا و قدوسيا كبير أعطاها من الاحترام و التقدير الكثير.
ومثلها مثل باقي البلدان إنتشرت في البلاد التونسية فضاءات مخصصة للعبادة سواء للمسلميين او للمسحيين او لليهود وان كان هناك اختلاف في معتقدات هذه الاديان إلا انهم جميعا كرسوا مجهوداتهم لاعطاء بيوت الصلاة قيمتها الإيتيقية.
ولكن نلاحظ اليوم إهمال وهدم عديد الكنائس المنتشرة في البلاد التونسية او تحويلها إلى فضاءات ثقافية و ذلك حال الكنيسة المركزية بولاية باجة التي سميت قديما بكنيسة “نوتر دام روزار”.
ولنبدأ الحديث عن هذا المعلم الديني التاريخي العريق و الذي يجسد في المقابل تحفة معمارية ثمينة نعود إلى تفاصيل إقامة هذه الكنيسة التي شيدت في 21 يونيو سنة 1936 والتي يبلغ طولها 37 متر و عرضها 19 متر. كما يبلغ طول إرتفاع جرسها 35 متر. كما تعتبر هذه الكنيسة من الكنائس الكتالوكية. تحولت منذ سنة 1964 إلى ملكية الدولة التونسية حسب اتفاق ذكر انه مع الفاتيكان لتصبح فيما بعد مركز ثقافي بين قوسين.
فكيف يتحول هذا الرمز الديني الذي كان ذات يوم يحتضن صلاوات و خشوع رواده إلى مركز ثقافي تنتهك فيه حرمة المكان القدوسية من خلال المعارض و الاسواق و كسر رمزية السكون التي من المفترض انها عماد هذا المكان؟ إضافة الى ذلك اهمال المعلم حسب ما أطلق عليه وتحوله الى مركز للنفايات و روائح النجاسة و مرتع المتشرديين حيث حصل في سابقة اخيرة حرق ابواب الكنيسة في حادثة محاولة تدفئة لام و صغيرها من المتشرديين. و للعلم ان الكنائس كان و مزال دورها الاساسي احتواء من لم يجد له سبيلا ولكن المنطق فرض غلقها امام من قد يحتاجها. في عملية يمكن أن نعبر عنها محاولة لطمس معالمها الدينية
اجتماعيا و فرض ما يمكن فرضه من بدائل.
-رأي الدين الإسلامي في هدم الكنائس.
يمثل هذا الموضوع نقطة إشكالية مهمة في الفتاوي و الاحكام الإسلامية فلا يمكن ان نجزم او ان نعطي خلاصة واضحة و لكن استنادا لكتاب احكام اهل الذمة لإبن القيم يذكر ان البلاد التي ملكها المسلمون زمن الاسلام لا يجوز بناء الكنائس فيها و يطيل تفسيره في تقسيم الكون إلى أراضي يعطي احقية ملكها تارة و ينزعها طورا ليفتي في النهاية بأغلبية الاجماع على ازالة و منع هذه المعالم.كما اجمعت دار الافتاء المصرية على وجود 3 الاف فتوة لهدم الكنائس وقال أبو الحسن الأشعريُّ : إرادة الكُفر كفرٌ ، وبناء كنيسة يُكفَر فيها بالله كُفر ؛ لأنَّه إرادة الكفر .
_عودة إلى تاريخ كنيسة نوتر دام روزار بولاية باجة
بناء هذه الكنيسة في ذلك الزمن كان دليل على وجود نسبة هامة من المسيحيين الكتالوكيين بالجهة سواء عرب او من اصول اجنبية ولكن الغريب انه اليوم لا يوجد عدد اونسبة من موقع رسمي للإحصاء بعدد المسيحيين بولاية باجة. فهل هو انقراض جماعي ؟ او غياب الأرضية الملائمة لممارسة حرية الأديان بين احكام و نظرة المجتمع و بين احكام الدين و جزاء المرتديين. في المقابل نشر انه يوجد 35 ألف مسيحي من اصول عربية و امازيغية و اوروبية داخل البلاد التونسية. نختم هذا المقال بنقاط استفهام كبيرة تمهد لبحث عميق عن تاريخ الارث المسيحي بالمنطقة ربما نجد الاجابات الكافية من المصادر الرسمية في غياب تام أثناء بحثنا الأول عن معلومات دقيقة حول هذا الموضوع.
وتبقى بلادنا عريقة بتلاقح الحضارات و عبور نسيج مختلف من الثقافات التي مهما حاولوا طمسها مزالت آثارها تقاوم لتثبت أحقية البقاء و التمتع بالسلام على أرض السلام.