بيبان المْدِينة..

“بيبان المْدِينة”

نص: د. زهير بن يوسف

تصدير:

“السور يبقى سور، لو تبقى مِنُّو شُرّافة”

من الأمثال الشعبية التونسية

***

كيما كل المدن التاريخية العريقة، سور البلاد اللي كان في باجة داير ساير بـ”المْدينة” والربطين: “الرّْبَط القِبلي” اللي نسميوه توّا باختصار “الرّْبط” آكاهو، و”رْبَط عين السمش” اللي هو الرّْبط الظهراوي.

ها السور اللي ما زلنا نشوفوا مِنّو أجزاء بارزة في “حومة تحت السور” اللي تاقع بالضبط ورا(ء) جامع الباي و”المدرسة” المرادية، وحومة “ستة وستين درْجة” وتحت القصبة وين ثمة سيدي يعقوب وشيرة الرياض، كانت محلولة فيه ستّة بيبان رئيسية وبيبان  أخرى فرعية.

تْرَهْ نسميُوها ها البيبان الرئيسية؟

1- بيبان المْدينة:

عندك باب العين، وعندك باب السبعة،  وعندك باب الجديد،

وهاذيّة بيبان ما زالت معروفة حتى لتوّا.

وعندك بيبان أخرى ما عادش يتذكروها كان الناس الكبار برشة، آمَا نجّمنا نعرفوا اشنية أساميها ووين كانت موجودة، والفضل في هذا يرجع للمؤرخين والزِيّار اللي تعداو على باجة في فترات تاريخية متعددة:

عندك باب باجة اللي يتسمى توا باب الزنايز، وعندك باب السوق اللي يتسمى زادة باب المدينة، وعندك باب بوطاعة، الحامي الرّمزي لقصبة باجة..

ها البيبان هاذي بكلها عِلْوها عِلو السّور وعرضها عرضو، برّه خلينا نحكييو ع البعض منها؟  ونبدَاوْ بباب العين،

2- باب العين:

باب قديم، تِبنى في عهد الرّومان، وهاي أجزاء مِنُّو مازالت قايمة الذات، وترمّم من بعد، واللي نعرفوه عليه من تصاورو أنو كان موجود حتاه لعام 1910 على الأقل، وفيه تقويسة  بناوها العرب، في وقت متأخّر ما نعرفوهوش بالضبط، بالحجر المصقول.

وين يجي ها الباب هذا؟ أهوكا لاصق لحمّام المْدينة ويربط بين “بطحة باب العين” و”بطحة عين باجة” اللي تدّي للمكمدة وحومة سيدي سيقان، والباب هذايا حكى عليه مليح البَكري في القرن الخامس للهجرة وقال:

” وفيها عيون الماء العذب، ومن تلك العيون عين تعرف بعين الشمس، وهي تحت سور المدينة، والباب هناك ينسب إليها”، وحكى عليه ياقوت الحموي في معجم البلدان وحكى عليه العَبدري في القرن السابع، وحكى عليه ابن الشبّاط في ” صلة السمط” وقت اللي قال:

” وأشهر عيونها عين الشمس، ولازالت إلى الآن، وإليها ينسب باب عين الشمس”،

وحكى عليه ابن عبد المُنعم الحِمْيَري(ت 900/ 1494) في ” الرّوض المعطار” وهو اللي يقول فيه بالضبط:

” وهي كثيرة الأنهار والعيون، وإحدى تلك العيون تسمى عين الشمس وهي تحت تحت سور المدينة، وباب المدينة بإزاء العين، ويسمى الباب باب عين الشمس”،

وحكى عليه مؤلف مجهول في كتاب ” الاستبصار” وقال نفس الكلام، وحكى عليه الرحالة فيليبّي عام 1829، وحكى عليه عالم الآثار شارل تيسّو في القرن تسعطاش.

علاش تسمّى ها الباب هكة؟

بكل بساطة على خاطر كان يهزّ لعين باجة اللي كانت تشرب منها البلاد بكلها: عين معتبرة ياسر، فاقوا بيها الرومان، وعلى هذاكه بْناوِا فيها جوابي وأحواض كبيرة لتوا مازالت موجودة، الحاصيلو Picine كاملة جاملة،  وخرّجوا منها حنايا تخرج من باب العين وتهبط من قدام زاوية سيدي  علي الآغا، وتوصل حتاه لقريشة، هي العين اللي بنى بحذاها الحاج ميلاد الشريف(ت 1843) عام 1812 الزاوية القادرية الثانية في البلاد، بعد ما تفطن لأهمية ها العين وأهمية البَنِي الزّمني اللي فيها، وعلى هذاكه عمل فيها قصيدة جا(ء) في مطلعها:

مَلاّ هِيبة، زاوية سيدي ساهلة وقريبة

أمّا حذاها عين باجة عجيبة

البَنْي فيها معتبر زمنية.

برّه نمشيوا للباب الثاني اللّي هو باب السبعة؟

3- باب السبعة:

باب ما بقى مِنّو كان إسمو، ياقع توّا في آخر نهج خيار الدين، معناها في الشيرة الشمالية الشرقية متاع البلاد العربي.

إسمو جاي من الزاوية اللي كان يدّيلها: زاوية السادات الرجال السبعة، وهوما، كيما “رجال السلسلة” و” رجال المسيد”، سبعة أخوة من الأوليا(ء) والصالحين، ما وصلتناش أساميهم،   قال فيهم الشاعر محمد المنزلي الإمام:

كذاك الدُّرَرُ السبعةُ الأنجمُ الوُرعاء *

سَمَوْا وحَمَوْا  من بالهان يُسامُ

ها الباب هذا، كان الباب اللي يحلّ على “ربط عين السمش” ويهزّ لباردو، و”لدشرة الوسالتية” اللي تتسمى زادة “دشرة القلاعة” اللّي يسمّْيوها  في وقتنا الحاضر “المزارة”: مزارة سيدي امحمِّد الزّوابي، وكان متميز بالبطحا(ء) الواسعة اللي كان يحل عليها و”الفنادق” اللي فيه.

4- باب السوق= باب المْدينة:

اللي تسمّيه الوثائق والخرايط الطوبوغرافية والبيانو متاع تجديد الجامع الكبير: “باب المدينة” على خاطرو يدخّل من ” الربط” “للمدينة”، معناها المركز التاريخي  الأصلاني متاع البلاد اللي تسميه الحجايج اللي كاتبينها العدول ” البلد”،

تْسمى “باب السوق” على خاطرو يهز للأسواق اللي خارجو كيما “البرادعية” و”سوق الخضارين” و”الملاّسين” و”سوق الغزل” و”سوق العطارين” و”سوق القماش” و”سوق اللفة” و”سوق النحاس” و”سوق الزنايدية” ،،،،

وعندو إسم آخر هو “باب سْويقة”، على خاطرو ثانه يدّي لسوق صغيرة كانت موجودة بين “دار القايد” و”ساباط السعيّد” من شيرة، وزاوية سيدي عبد الله نِوال اللي مدفونين فيها عجم داي وبناتو من الشيرة الأخرى.

ها الباب هذاي الموجود في الواجهة الجنوبية متاع السوق، اللي هو في نفس الوقت حيط القبلة متاع الجامع الكبير، تهدّ بين عام  1912 وعام 1915 وقت تجديد الجامع الكبير،

وهاي تصويرتو ما زالت موجودة، ورغم هذا الباب غلبهم وما نجموش يطيحوه الكل، وهاي الأطلال متاعو مازالت ظاهرة  في شوكة الجامع الكبير من شيرة  “دار القايد”، والحجم الكبير متاع الحجر اللي مبني بيه يبين أنو بني متاع رومان.

مرجع حديثنا، الزوج مفاجآت اللي نحب نحكي عليهم:

أول هام:  الباب هذا، حسب الأسبار، مازال غارق أربعة ميترو أخرين تحت مستوى الأرض اللي نحنا فيه توّا.

ثاني هامّ: الباب هذا اتضح أنو كان قوس نصر روماني تِبْنى  في عهد الإمبراطور سبتيموس سافاروس اللي تولد في مدينة لبدة في ليبيا، والدليل على هذا النقايش التخليدية الأربعة المكتوبة باللغة اللاتينية اللي تهزت من قوس النصر هذا وعاودوا استعملوهم  في زاوية  سيدي بنعيسى الفوقاني: زاوية الحوارين.

آش تبقّى باب الجديد؟

5- باب الجديد:

باش ما تغلطوشي ثمة زوج بيبان بها الإسم:

باب الجديد اللي نعرفوه توا، واللي يهزّ للكارطي العربي من جهة حومةسيدي منصور وساباط السعيّد ونمشيوا منو لحومة القسطلي وحومة اليوسفية وساباط الباي ونطلعوا منو للحدرة ويدي حتاه للمكمدة وحومة الأقواس وحومة سيدي العاشق،،،

وباب الجديد الفوقاني في الشيرة الغربية متاع السور، ويحل على ربط عين السمش، بين جامع الخطبة وزاوية سيدي مجاهد، بالضبط حذا زاوية سيدي عبد السلام الزاوية اللي مدفون فيها في الحقيقة العالم الشهير ابن عبد السلام الباجي.

6- باب الزنايز:

ما نسيتوش وإنما خليتو مسك الختام، وعندو إسم آخر حسب وثائق الأحباس، الإسم هذاي هو “باب باجة”.

تسمى “باب باجة”  على خاطرو الباب الرئيسي اللي كان يدخل للبلاد،

وتسمى “باب الزنايز” على خاطرو في الثنية الوحيدة اللي تعودوا الجدود على تخريج المواكب متاع الدفن ونعوشات الموتى من جامع المدينة لجبانة سيدي صالح الزلاوي وإلا لجبانة سيدي فرج، وإلا لجبانة سيدي محمد الزوابي،

هذاك ما جرات بيه العادة رغم اللي كانت عندهم الإمكانية باش يخرجوا الزنايز من باب الجديد، لكنهم ما كانوش يحبذوا يعاودوا يدخلوا بالجنازة للمدينة ويشقوا بيها الحوم بعد ما خرجت منها باش يخرجوا من باب الجديد.

الباب هذاي ماعادش موجود، ولكن وصلتنا تصاورو، صوّرهولنا تايلور عام 1910، واللي نعرفوه عليه أنو كان موجود في الجهة الجنوبية الشرقية متاع البلاد وين ثمة توا البانكة والمدخل الأول متاع حومة الربط.

7- بيبان أخرى:

حذا كل باب من ها البيبان كان ثمة سبيل وحوض سبيل كيما سبيل باب العين، وبكلها كان فيها نوع من أبراج المراقبة في شكل قبة يستعملوها باش يراقبوا الداخل والخارج.

ومعظم ها البيبان كان مغطي بقوس.

وكل باب منها كان متكون من تلاثة أقواس متوازية.

بيبان كانت تتصكّر من وقت المغرب وتتنصب فيها العسّة  باش تحمي السكان، وتتحل في النهار، من الفجاري، باش تسهّل المبادلات والتنقّل للتجار والفلاّحة والمسافرين وغيرهم.

أخطى البيبان هاذوما ثمة بيبان أخرين، البعض منها تحلّ في السور والبعض الآخر إمّا يهز للحوم وإلا يدّي لربط بكلو بكلالو، نذكروا منهم:

  • باب الرحبة ويتسمى زادة باب بوتفاحة،
  • باب خننّو،
  • باب خلا،
  • باب حومة القصبة،
  • باب حومة الأندلس، ومع حومة الأندلس حكاية أخرى نرجعولها المرّة الجاية.
    د. زهير بن يوسف
Comments (0)
Add Comment