مواعيد الثلج..
عز الدين العزاري
عز الدين العزاري
لم يكن الثلج زائرا ثقيلا وما كان أحد يتذمّر منه في سنوات بداية السبعينات من القرن الماضي نزول الثلوج كان مؤشر خير للزرع والضرع وما كان الناس ليستعدوا لقدومه بالملابس التي تقيهم لسعات الصقيع الصباحية ولا نسمات المساء الباردة فالميسورون من الريفيين -على قلة عددهم – يوفرون لأبنائهم “قشابية” او برنسا وأمّا السواد الأعظم فملابسهم تكشف أكثر ممّا تستر الاّ انهم مع ذلك يصمدون وما كان صمودهم الاّ بذلك الغذاء الذي لم يجلب كلّه أو بعضه من الأسواق كانت الخضر على بعد أمتار من البيت تخرج الأم أو الأخت الكبرى لتجزّ من الخضراوات اليانعة ما يكفى لطهي العشاء سلق وبقدونس وجزر أمّا من لم يزرع من تلك الخضروات شيئا فله منادح في الخضراوات التي تحيط بالمنازل على سفوح الجبال سلق برّي يسمونه ” حمّيضة” او خرشوف وهي ألذّ من تلك التي تزرع يقبل عليها الآكل بنهم كبير هذا عندما يأتي المساء والريفيون إذا أصبحوا لا يعدمون حلولا للطعام فالحليب والبيض و خبز “الغنّاي” كفيلة بقمع شدة البرودة ولاسيما إذا عزّز الطعام برفيسة حارّة ترصّع بالتّمر وبالجملة كان كل الطعام مضادات حيوية.فأغلبنا لم ير دواء او جرعات طبية إلا عندما جاوز الثانية عشرة من عمره عدا تلك الجرعة التي اعطيت لنا مع التطعيم في سن الثالثة أو الرابعة …في صباحات الشتاء الباردة يؤتى بالتبن للمواشي في مرابضها فأيام الثلوج لا يخرج الرعاة بقطعانهم ولا يسرحون…في الأثناء لا يمكن ضبط الصبية والشبّان فليس يصدّهم حرٌّ ولا قرٌّ عن لهوهم وأنشطتهم وما أكثرها ….حين ترسل السماء وابلا من المطر تجنح الطيور إلى أكوام التبن حيث ينصب الفتيان فخاخا فتقع طيور وتفر أخرى ،ثم تعاد العملية مرارا حتّى يدعى أحدهم لشان ما فينتهي شوط من أشواط الصّيد …وقد يبدا في أماكن أخرى إذا صار الجوّ صحوا …
بين الحين والآخر يدلف الفتية إلى بيوتهم ليصطلوا قليلا ثم يعودون إلى ما كانوا فيه من لهو…أيّام الشتاء هي أيّام تنتقى فيها قطعان الأغنام فالسّليمةُ منها هي التي تعبر إلى فصل الرّبيع وما أكثر الأغنام التي تنفق شتاءً لهُزالِها أو لعِللٍ فيها لم ينتبه إليها صاحبها..
عز ىالدين العزاري