د.زهير بن يوسف
نصت توطئة الدستور على ضرورة الوفاء لشهدائنا الأبرار وأكد قانون العدالة الإنتقالية المصادق عليه من قبل المجلس الوطني التأسيسي في إطار حفظ الذاكرة على التكريم المعنوي للشهداء تخليدا لذكراهم. 1. الشهيد وائل بولعراس: انخرطت جهة باجة منذ وقت مبكر في انتفاضة2011، وقدمت العديد من الشهداء منهم الوكيل الأعلىالأزهرالكثيري (عمدون) والوكيل الأول لطفي العوادي(عين طنقة،تستور) وناظر الأمن محمد التوجاني( باجة) والملازم الأول عاطف الجبري(عمدون) والعريف علاء العامري( السهيلي، باجة الجنوبية) والعريف ناجي الهمامي ( تستور) والملازم الأول نضال الطرابلسي. على أنّ المصادمات مع أجهزة القمع التّابعة للرّئيس للمخلوع قد بلغت أوجها يوم الخميس 13 جانفي 2011 حينما استشهد وائل بولعراس، 17 ربيعا، وهو تلميذ بمعهد 2 مارس، في شارع الحبيب بورقيبة بقلب مدينة باجة أثناء المواجهات، قضى نحبه اختناقا بعبوّة غاز مسيل للدّموع تجاوز تاريخ صلوحيتها 16 عاما بحسب ما كان مبيّنا على العبوّة نفسها، أفقدته عبوّة أولى الوعي وأصابته عبوّة ثانية على مستوى الصدر مباشرة من بعد 15 مترا. وتبعا لذلك ورد إسمه بقائمة إسمية في شهداء الثورة بولاية باجة صادرة عن وزارة الداخلية. 2. سياق التسمية: جاءت التسمية كنتاج لمراسلات متكررة من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للسلط المحلية والجهوية تراوح التفاعل معها ولسنوات بين المماطلة والتسويف، وصولا إلى مكتوب معلل بالومؤيدات والقرائن الداعمة صادر عن كاتب هذا المقال بشخصه وصفته العلمية والجمعياتية بتاريخ 28 جانفي 2018 تضمّن اقتراحا بتسمية نهج بإسم الشهيد “وائل بو لعراس” الذي فقد حياته في المواجهات مع قوات النظام العام آنذاك، وهو المكتوب الذي تم التفاعل معه هذه المرة بجدية وروح عالية من المسؤولية حيث كان موضوع جدول إرسال والي الجهة عدد 1327 بتاريخ 15 فيفري 2018 إلى رئيس النيابة الخصوصية لبلدية باجة. وهو جدول إرسال عرض على النيابة الخصوصية التداول في هذا الموضوع وإبداء الرأي فيه. 3. قرار التسمية: بعد التنسيق مع أعضاء النيابة الخصوصية والإدارة الفنية، وتطبيقا لمقتضيات المنشورعدد 12 المؤرخ في 26 فيفري 1992 والمنشور عدد 02 المؤرخ في 14 جانفي 1995 الصادرين عن السيد وزير الداخلية حول تسمية الأنهج والشوارع والساحات العمومية،وتبعا للحيثيات الإدارية والقانونية والدستورية المشار إليها سابقا تم اقتراح إطلاق إسم الشهيد ” وائل بو لعراس” على الساحة العامة الكائنة بمفترق نهجي عمر القلشاني وعلي الشواشي وهي ساحة قريبة من المؤسسات التربوية ومركز الإعلامية الموجهة للطفل تستعمل ولاسيما صيفا كفضاء ترفيهي للعائلات. وبعد النقاش والمداولة في الدورة العادية الأولى للنيابة الخصوصية لبلدية باجة لسنة 2018 صادق أعضاء النيابة الخصوصية بالإجماع على تسمية الساحة العامة المذكورة باسم الشهيد وائل بولعراس والتفويض للسيد رئيس النيابة لإتمام باقي الإجراءات الإدارية وعرض الموضوع على سلطة الإشراف للمصادقة، وهو ما حصل بالفعل. 4. الاعتماد المرصود والتفعيل المُرحّل تجدر الإشارة إلى أن البلدية رصدت اعتمادا لتسييج هذه الساحة لإبرازها في مظهر جمالي كما نص محضر مداولتها المومأ إليه سابقا على أن إطلاق اسم الشهيد عليها من شأنه أن يكون حافزا للبلدية والسلط الجهوية والمصالح الإدارية ومنظمات المجتمع المدني لتهيئتها وتجهيزها بمختلف المرافق العمومية. ولكن بعد مضي قرابة 3 سنوات من اتخاذها قرار التسمية ورصدها للاعتماد اللازم لتهيئتها، ورغم تكرر التذكيرات، ومنها تذكير المجلس البلدي الحالي بالموضوع فإنّ دار لقمان ما تزال على حالها: سكوت عن الردّ ما عدا الرد الآلي لمكتب العلاقة مع المواطن، فأين الإشكال إذن؟ وأين هي متابعة السلط الجهوية؟ وأين هي منظمات المجتمع المدني مثل هذه الملفات ذات الأهمية الرمزية؟ ماذا تنتظر السلط المحلّية لتحرير هذا القرار، على غرار بلديات عمدون وتستور مثلا حتى لا يموت الشهيد بمجالها الترابي مرتين؟ حفظ الذاكرة واجب وطني، وذاكرة الشهداء دين متخلّد بالذمّة. ذاكرة ليست للنسيان.
.د. زهير بن يوسف