بين خيبات الامل التي تسببها الحياة لنا تترعرع شخصية الانسان الهشة التي تبحث في كل لحظة عن قشة نجاة تحارب بها الفشل و تتوسم فيها الخلاص . و مع كل محاولة فاشلة يصبح اللجوء للسحر و الشعوذة حل من الحلول المبسوطة . و هكذا أصبح لدينا سوق شاسعة من بائعي الاحلام الوهمية يصنعون من الباخور و الطلامس تجارة . تنقسم في الحقيقة سوق الروحانيات في تونس و تختلف التسميات و الاهداف و طرق التطبيق . قادنا البحث الى روحاني أصر على عدم ذكر إسمه و مدنا ببعض المعلومات المهمة يقول :” أملك روحانيات علوية تساعدني في الاعمال الخيرية و هي من الجن المسلم و الغير مؤذي و نحن نساعد الناس في العلاج من المس و العين و الحسد و حتى في تسهيل بعض الامور مثل الزواج و النجاح و فك السحر بينما توجد انواع اخرى من الروحانيات التي توظف في اعمال سفلية محرمة مثل سحر التعطيل و التفريق و غيرها من النجاسات و يتطلب نجاح مفعولها طقوس معينة .” غرابة هذا العالم الذي تنقسم الاراء حوله فهناك من يؤمن به و يخاف منه و هناك من يعتبر الامر مجرد أساطير ولكن دفعني الفضول الى طرح مزيد الاسئلة حول طرق السحر و الفئات الاجتماعية الاكثر إقبالا فكانت الاجابة “اكثر الاشياء التي يعتمد عليها في الاعمال هي اسم الشخص و اسم والدته فهناك عملية حسابية بعدد الاحرف التي لها رموز معينة بالارقام تقدونا الى معرفة ما يسمى “الطالع العربي” للشخص و كذلك يساعد في نجاح الاعمال و في الكشف اي معرفة الامور التي ستحدث للشخص ثم في مرحلة اخرى يمكن ان يطلب انواع بخور تختلف حسب العمل و ساعة العمل و مدى التأثير المطلوب و تستعمل كذلك الصورو الشخصية او الاثر التابعة للشخص المطلوب و في حالات اخرى تحظر اعمال ترش او تحرق او ترمى في نهار جار فمثلا بعد العملية الحسابية بالاسم و اسم الام و معرفة طالع الشخص اذا كان طالعه ناري فيحظر عمل بإسمه و يحرق و اذا كان مائي فيطلب رميه في نهار واذا كان هوائي فيتطلب تعليقه في الهواء و هذه الطريقة تطلب اكثر في اعمال الجلب و المحبة اما الفئات الاجتماعية فإن المجتمع التونسي يقبل على الروحانين بشكل كبير و متواصل فانا اظطر الى العمل بالموعد لتجنب الزحام ” امام هذا الكم من المعلومات التي قد يرفض العقل تصديقها تواصل البحث و تبينا اراء بعض الناس المتواجدين فكانت الاراء مختلفة و لكنهم اجمعوا على ايمانهم بوجود السحر و احيانا يبررون وجودهم بأنه بدافع الاصلاح و استرداد الحقوق . فهذه تريد استرجاع خطيبها الذي إنفصل عنها دون سبب و تلك تريد إصلاح حال زوجها و هذا يريد إفتكاك ميراثه و الاخرون يتكتمون عن السبب و لكن التبرير الوحيد انهم إستنفذوا كل الحلول المتاحة. من جهة اخرى تجاد عديد الحالات التي تؤكد تعرضها للسحر او للمس و تريد ايجاد حل لدى معالج روحاني تقول فاطمة :” تعرضت الى السحر من احدى قريباتي و قد خلف لي ذلك مس روحاني يؤذيني حتى انني أرفض الإستماع الى القرآن و احيانا تنتابني نوبات هلع غريبة ” لايمكن الفصل في هذا الموضوع لغرابته و تنوع تفاصيله رغم اننا حاولنا طرحه ببساطة إلا اننا نصر دائما على اهمية دور العلم و التفسيرات العلمية لكل ما يحدث في حياتنا و عدم الاستسلام بسهولة الى الوهم او الى الامراض النفسية التي تصيبنا أحيانا من الفراغ و العجز لنصبح فريسة سهلا لدى من يدعي إمتلاك هبات خارقة فحالات التحيل و الاعتداءات الجنسية و الجنون التي تكون نتيجة استغلال تحت ما يسمى العلاج الروحاني منتشرة و بكثرة في مجتمعنا . ورغم ان هذا الموضوع شبه محسوم ولكن مزلنا نبحث في الخفايا و نفتح الباب للقارئ حتى يفكر معنا في الموضوع لعلنا نصل الى اجابة مقنعة تجعل الانسان يلتجئ الى انسان مثله حتى يؤذي انسانا اخر بدافع الانتقام او لدوافع اخرى.
ملاك عروة