الصحافة الورقية تحتضر..

يبدو أن الصحافة المكتوبة في تونس تلفظ أنفاسها الأخيرة وتتجه نحو الاندثار فهي تتشبث بخيط النجاة وتحاول أن تجد لنفسها مكانا و تتموقع من جديد في المشهد الإعلامي وتواصل إنتاجها في ظل واقع يبدو صعبا نوعا ما وينبا بانتهاء زمن الصحافة المكتوبة وتزداد هذه المخاوف من انتهاء زمن الصحافة المقروءة مع اندثار عناوين ورقية كبرى وصحف ظلت لفترة طويلة جزءا من المشهد الاعلامي وركيزة أساسية في عالم الصحافة علي غرار جريدة “التونسية” “صدي الثلاثاء “”وصدى السبت” التي لم تستطع الصمود امام الميديا الجديدة وفي ضل اكتساح الصحافة الإلكترونية والتي باتت منافسا جديا للصحف الورقية ولا شك أن الثورة الرقمية التي يعيش علي وقعها عالمنا اليوم ساهم بشكل أو بآخر في تكريس الصحافة الإلكترونية وصحافة الواب التي ستزيح شيئا فشيئا الصحافة الورقية عن عرش السلطة الرابعة فمع التطورات التكنولوجية والنقلة النوعية في المشهد الاعلامي ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت اليوم وجهة المواطن التونسي في بحثه عن المعلومة رغم ما تحتويه من اشاعات وما تروج له من صحافة صفراء لا تستجيب لأخلاقيات العمل الصحفي أصبحت الصحافة المكتوبة مهددة بالانقراض وتعيش علي وقع مرحلة الاحتضار التي قد تسبق الفناء النهائي . هذا الوقع المتردي والمتأزم الذي تعيشه صحافة الورق رغم مضامينها الإعلامية الهادفة عمقتها أزمة كوفيد 19 بسبب تراجع العائدات المالية للمؤسسات الاعلامية المقروءة ونقص الاعلانات بسبب الوضعية الاقتصادية للمستشهرين إضافة إلي تراجع الإشهار العمومي وتقلص دعم الدولة التي فرضته الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتراجع المبيعات وبالتالي الأرباح فالمؤسسة الاعلامية تتطلب ميزانية لتحقيق ديمومتها وضمان مكانتها إلا أن أغلب الصحف اليوم تعيش أزمة تمويل وغياب للاستثمار الكامل في وسائل الإعلام المكتوب كما أنها تعيش واقع اقتصادي غامض زاد من معاناة الصحافة المكتوبة واثقل كاهلها بالديون التي قد تؤدي بها الي الافلاس الذي اصبح اليوم واقعا يترصد اغلب الصحف المكتوبة أن لم نقل جلها إضافة إلى غياب إصلاح حقيقي لقطاع الصحافة الورقية ومحاولة تطوير آليات العمل و هياكل النشر نعيش اليوم علي واقع اختفاء صحف وتحول صحف آخري الي صحف إلكترونية بسبب توقف الدعم الذي كانت تحظى به الي جانب تراجع عائدات الاعلان مقابل تضاعف تكاليف النشر والطباعة والورق . ولعل ما عمق أزمة الصحافة الورقية الي جانب الميديا الجديدة والوضع الاقتصادي والمالي المتردي لبعض الجرائد ان لم نقل جلها تراجع قراء الصحافة الورقية فمنذ قرابة ستين عاما لم يعد للصحافة الورقية جمهورا.. إذ أن الجمهور تخلى عن الصحف المكتوبة أو جعلها في مرتبة ثانوية وغير مهمة في اهتماماته.. وأصبحت الصحف للأسف لا تقرأ وإنما الأسوأ من ذلك صارت لا تستجيب لمتطلبات القارئ الباحث عن الحدث المبتذل أكثر من بحثه عن الخبر الهام رغم ما تعيشه الصحافة الورقية من واقع يحكم عليها بالفناء من المشهد الاعلامي الحالي لازالت بعض الصحف تحارب وتتشبث بخيط رقيق من الامل وتحاول فرض نفسها في مشهد إعلامي مغاير عما كان عليه في السابق ورغم العوائق والتحديات تظل الصحافة الورقية ام البدايات ولا يمكن أن تذوب أو تغيب تحت وقع الزمان. ف
اتن الحويمدي

Comments (0)
Add Comment