غياب الأنشطة بالمؤسسات التربوية في ظل ما يشهده الوسط التربوي من كوارث و ارتفاع في نسبة تعاطي المخدرات و المشروبات الكحولية إضافة إلى تفشي العنف. فإن هذا ليس سليل التنشئة العائلية فقط بل يعود أيضا لغياب الأنشطة الثقافية و الرياضية بالأوساط التربوية. في هذا الإطار يمكن الحديث عن هذا الغياب الذي بات واضحا وضوح الشمس من خلال قول المسرحي شاذلي العرفاوي “النشاط الثقافي في الواقع مازال موجودا بالمؤسسات التربوية لكنه تقلص بشكل كبير عن السابق فعدد أساتذة المسرح قليل و في عهد الترويكا تم انتداب 05 أساتذة مسرح فقط بينما في عام 2015 تم انتداب 27 أستاذ مسرح”. و هذا فيه إشادة للدور الكبير الذي يقوم به أساتذة المسرح في نشر الوعي بممارسة الأنشطة الثقافية و الرياضية و ما يقدمونه من تحفيز على ضرورة ممارسة هذه الأنشطة التي تنفذها من هاجس المخدرات و الكحول و تساهم في تطوير مداركهم العقلية و التعويل على سياسة الحوار لا يتبادل العنف. و من جانبه أكد الموسيقي أنيس القليبي الذي ترعرع في هذه الأجواء حسرته على الشبيبة المدرسية و على النوادي الثقافية كنوادي السنيما و المسرح و القصة عندما قال “تربينا عليها جيلا كاملا في الثمانينات، و هذه النوادي كانت تضم الشباب و خاصة من لديهم مواهب و هوايات…فبدل أن تتواصل هذه الأنشطة الترفيهية التثقيفية اضمحلت شيئا فشيئا و لم أتابع هذا الإضمحلال و الإندثار بل تفاجأت به اثر دخولي الجامعة سنة 1990”. و في النشاط الرياضي فما يلاحظ اليوم ضعف البنى التحتية في المدارس و المعاهد و الجامعات، إذ لا تحضى نسبة 19،7% من الفضاءات التربوية بملاعب رياضية في كرة اليد و كرة السلة. في حين أن نسبة 8،7% من الأوساط التربوية لا تملك ملاعب مهيئة لكرة القدم. دون أن نغفل عن الرياضات الأخرى كالتايكواندو و الجودو و الكاراتيه فإنها تكاد منعدمة في نسبة تفوق 95% من الأوساط التربوية. صار هذا الغياب الملفت للنظر للأنشطة الثقافية و الرياضية مشكلا مطروحا اليوم في الأوساط التربوية لما انجر عنه من تفشي للكوارث الإجتماعية و ضياع للمواهب التي لم يتم صقلها.
علي عمايرة