تواترت الأسئلة عن دور المؤسسات الشبابية و مدى فاعليتها في إستقطاب الشباب و تحسين مناعته ضد الواقع الأليم الذي يعيشه, خاصة في ظل التشنجات و الأزمات المتتالية للبلاد و التي جعلت الشاب التونسي اليوم أكثر عرضة للضغوطات و الإضطربات لتولد فيه نزعة العنف و الجريمة و تضعه في واجهة الإرهاب و التطرف. للتذكير فإن المؤسسة الشبابية تعتبر بمثابة هيكل تربوي, اجتماعي و ثقافي يوفر للشباب فضاءات تنشيطية للتكوين والترفيه وتخضع لإشراف وزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني ويسيير أنشطته إطارات مختصة في التنشيط الشبابي . و تهدف المؤسسة لتكوين شاب فاعل و متفاعل و مسؤول و ذلك بإدماجه في الحياة الإجتماعية و العملية : حيث تعزز شعوره بإنتمائه إلى وطنه و تجذر فيه روح التطوع و ذلك يإحتواء طاقاته العشوائية و تهذيبها و صقلها عبر نوادي المسرح و الرسم و الصحافة و الشعر وغيرها من النوادي و الأنشطة التي تختلف من مؤسسة إلى أخرى . و تتجاوز الدور التقليدي لتعمد إلى تغيير طرق تفكير الشباب ونظرتهم للحياة بالعمل على المهارات الحياتية كالمصالحة مع الذات وتمكينهم من أساليب التواصل و طرق العمل الجماعي عسى أن يساعدهم على تحقيق توازنهم النفسي وعلى اكسابهم آليات التعامل مع الآخر ومواجهة مصاعب الحياة. و بالرغم من أن تونس اليوم تحتضن قرابة 360 مؤسسة شبابية موزعة على 24 ولاية فإن عدد هام من هذه المؤسسات أغلقت أبوابها جراء ضعف الدعم المخصص لها ، ففي تطاوين مثلًا تراجع عدد المؤسسات الشبابية من 7 سنة 2004، إلى 5 سنة 2020، في ولاية هي الأكبر من حيث المساحة. ونشير هنا إلى أن 8 دور شباب أسدلت ستائرها مؤخرا تتوزع كالآتي : دار الشباب حي التحرير (تونس) ,دار الشباب تستور (باجة),دار الشباب المهدية, دار الشباب السلطنية (صفاقس),دار الشباب حاسي الفريد(القصرين) ,دار الشباب فوسانة (القصرين),دار الشباب الماي جربة ميدون و دار الشباب نويل توزر,حسب آخر إحصائيات وزارة الشباب والرياضة . و هنا يظهر حاجة مثل هذه المؤسسات اليوم إلى مساندة من المجتمع في تحفيز الشباب للإنخراط في أروقتها و نواديها من ناحية, و ضرورة إعادة النظر في هيكلتها و برمجتها من طرف السلط المشرفة عليها من ناحية أخرى . و من جهتهم إطارات و مديري المؤسسات يجتهدون في توفير الفضاءات المريحة و الظروف الملائمة -حسب الإمكانيات المتوفرة- لإحتواء روادهم و تأطيرهم رغم الصعوبات و التحديات التي تعترضهم. لذلك يشدد الباحثون الاجتماعيون على أهمية “دور الشباب” في توعية هذا الجيل الواعد وإبعاده عن كل الأخطار والتمزقات المحدقة بالمجتمع من الإرهاب والتطرف وغيرها. حيث تراهن هذه الهياكل التربوية اللانظامية على الشباب بإعتباره ثروة وطنية وجب حسن إعدادها لمواجهة المستقبل بإرادة صلبة و الإيمان بطاقاتها و قدراتها اللامتناهية .
إبتهال بنور