العنف و التنشئة الإجتماعية

شهدت البلاد التونسية إزديادا ملحوظا في منسوب العنف في الآونة الأخيرة و بشكل ملفت فتنوعت أشكاله و أنواعه

من مادي و معنوي و رمزي حتى أصبح الوسيلة لحل المشاكل و حجة لإقناع الغير. إنتشر العنف في جميع الفضاءات

العامة و بين مختلف مكونات المجتمع فاليوم أصبحنا نتحدث عن العنف ضد الرجل إلى جانب العنف ضد المرأة

و الطفل الذي لم يعد من الظواهر الجديدة على الرأي العام . نجد في فضاءات العمل أيضا بروزا هاما لهذه الظاهرة

و خاصة في الأعمال الميدانية مثل العمل الصحفي إذ سجلت وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية بالنقابة الوطنية

الصحفيين التونسيين خلال الفترة المتحدة من 1 نوفومبر 2019 و 2 أكتوبر 2020، 155 اعتداء طال 182

صحفيا بالإضافة الى ان هذه ظاهرة طالت حتى الأسلاك الأمنية التي تمثل سلطة ضبط و ردع. كل هذه النسب العالية

تدفعنا لتسليط الضوء على هذه الظاهرة و البحث عن أسبابها و مسبباتها و لعل الظاهرة تتغذى من التنشئة الإجتماعية

و من ضعف الرقابة و ترد الأوضاع الإقتصادية التي يعيشها الفرد. وهنا على الفرد منا أن يتسائل أليس من الجدير بنا

البحث في أسس تطور هذه الظاهرة لدى الأفراد فليس من المنطق ان يولد الإنسان عنيفا.. إذا يتوجب علينا البحث في

ظروف نشأت الأفراد و خاصة البيئة الأولى لبناء شخصيته و صقل هوياتهم فالعائلة هي أول بوصلة تحدد سلوكيات

الفرد فالطفل الذي ترعرع في أسرة ترفض الإختلاف و التنوع لا يستطيع غدا التأقلم مع محيطه الخارجي

و خصوصا مع الأخر و لن يستطيع تقبل الإختلاف و بالتالي سيتقوقع داخل الأنا ولن يستطيع الإنفتاح و التلاقح مع

الآخر وكذلك سيبحث في المقابل عن الشبيه وهي بداية بناء المجتمع النمطي ،فما الذي ننتظره من طفل نشأ على

مشاهد مختلفة من العنف المتنوع القائم على النوع الإجتماعي و السن و الطبقه الإجتماعية و العرق و الدين

و اللون…. هذا الطفل الذي خزن تلك المشاهد سيترجمها عندما يكبر من خلال سلوكه . وفي هذا الإطار شهدت نسبة

العنف تطور ب 21٪ منذ 2011 ولم يقتصر العنف على النفس البشرية بل تجاوها. وتعتبر التنشئة الإجتماعية سبب

عميق في تفشي هذه الظاهرة و لكنها ليست الوحيدة إذ أن العنف مرده أيضا فساد المنظومة التعليمية و السياسية

والإعلامية و الإقتصادية فجميعها شاركت في إنتشار ظاهرة من أبشع الظواهر في مجتمعنا .

سحر دحمان


العنفتونس
Comments (0)
Add Comment