لطالما قاسيت منها ، في بداية مشواري، وأُرغِمت ، قهرا ، على تحمّلها رغم شدّة تأثيرها في نفسي و أنا العصفور الصّغير الذي لا يزال في مرحلة ” بزوغ الرّيش” ، و الدّربة على التّحليق ، و مكابدة ظروف الغربة ومجابهة الصّعاب بكلّ ما يجعلك تواصل الرّحلة و تقف على قدميك و تكبر و تعيش..
قاسيت الكثير ، إذًا ، من تصرّفات بعض مشاهير ذاك الزّمن إزاء زملائهم المبتدئين …
تصرّفات كنت و لا أزال أعتبرها غير مهنية و لا أخلاقية ، و يعتبرها أولئك المعقَّدون المتهكِّمون معقولة و مقبولة و جِدّ عادية !!!
من أبغض و أخجل هذه التّصرّفات ، إرغام المغنّي على قطع غنائه فورا ومغادرة الرّكح لتسليم المصدح ” le micro ” إلى “سيّده النّجم المعتبر المستعجِل المنتظِر ” أو النّجمة المنفوشة الأنانية المغرورة ، و ذلك دون نقاش ولا تردّد و لا جدل….
أمّا الأفضع من ذلك هو صعود المغنّي “النّابغة المُتعَنْتِر” على الرّكح و خطف المصدح ، بالقوة ، من يد زميله المتحرِّج المضطرب ، هكذا ، أمام الحضور ، وكأنّ لسان حاله يقول :”أنا السيّد و أنت العبد التّافه المأمور”!!!
قاسيت كثيرا و طويلا من هذه الحركة العنيفة المتسلّطة اللّا حضارية إلى حدّ أن فاض الكأس و كاد يحبطني الشّعور بالقهر و الضّعف و اليأس ، فقرّرت ذات ليلة عدم الرّجوع إلى الرّكح ، كما هو معهود ، لمواصلة حصّتي الغنائية المبتورة “المشرومة” مباشرة بعد إتمام “سيّدي الباندي معبود الجماهير” حصّته الإبداعية المختطفة المحمومة… غادرت ليلتها مكان الحفل وعزمت على تكوين فرقة موسيقية خاصّة بي … فكان لي ذلك و الحمد لله… و إرتحت نهائيا من تسليم “الميكرو” إلى أيّ كان من المغنّين أو المغنّيات إلّا في حالة إتّفاق مسبق لأسباب قاهرة مقبولة….
سمعت أنّ هذه العادة المشينة القديمة عادت ، هذه الأيام ، إلى السّاحة بأكثر جرأة و فضاضة و فداحة…
نصيحتي أن لا تسلّموا المصدح لأيّ كان ، و اليقع ما يقع… ففي ذلك إهانة لكم و إستنقاص من قيمتكم وإستهتار بكم وبفنّكم و إن كان في بداية نشأته…
عدنان الشواشي