باجة: تراجع مياه الشرب، أين هي التشخيصات الرسمية؟

باجة: تراجع مياه الشرب، أين هي التشخيصات الرسمية؟

د. وهير بن يوسف

التراجُع الملحوظ في مياه الشُّرب من الناحية النوعيّة: لونا وطعما في ولاية معروفة بعُذوبة مخزُونها المائي هي ولاية باجـــة، في غياب التّشخيصات الرسميّة، يُشرّعُ للمواطن الحقّ في الذّهاب إلى أبعد التأويلات.

فالتراجع ملحوظ وبالاستتباع فالتلوث موجود، ونسبته تصل إلى 18 بالمائة في المجامع المائيّة بمعنى أنّ نصف مواطنينا على الأقلّ، وهم سُكّان الأرياف، يشربون ماءً تتجاوزُ نسبة التلوّث فيه نسبة التلوّث المسموح بها والمُقدّرة حسب وزارة الصحة بـ 5 بالمائة.

مسؤولية الدولة؟

مياه ذات خاصيّات فيزيوكيميائية مضمونة ومحفوظة ومُدققة عبر التحاليل المخبرية مسؤولية الدولـة، وينبغي أن تتحمّلهـا، ومن المفروض أن يدفع نوّاب الشعب مع عموم المُواطنين بهذا الاتجاه، وهم مدعوُّون، بحكم صفتهم النيابية تلك، إلى مطالبة الدولـة بتقديم توضيحات للرأي العام بهذا الصدد وتحت قبّة المجلس تحديدا؟ 

و من صُلب هذه المسؤولية أن يُجيب التشخيص الرّسمي الذي يطالب به الـــرأي العام عن التغير الذي حصل في المياه المُعدّة للشرب: هل يدخل في إطار المقاييـس التي يظلّ بها الماء صالحا للشراب؟ وهل هو خاضع للمواصفات العالمية: لونا ومذاقا ؟ ونريد أن نعرف موقف رئيس قسم معالجة المياه بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ؟

الصوناد : موقف منقوص لايبدد تخوفات المواطنين؟

موقف رئيس إقليـــم الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه بباجة بحسب ما ورد على لسانه اليوم إذاعيا، وهو موقف مماثل لما ورد على لسان سلفه في إحدى الصحف اليومية بتاريخ 29 جويلية 2016: موقف تبريري وكلام خشــبيّ منقوص، غير مُقنع، مُتناقض مع المعاينات الميدانية لخزّانات التصفية والمعالجة والتوزيع وشبكة الربط ولا يبدد مخاوف المُواطنين، مؤداه أنّ:

* الماء لم يتغيّر، ومذاقنا نحن جميعا هو الذي تغيّر، ولا ثمة طحالب في السّدود، ولا خزّانات بحاجة إلى الجهر مثل خزّان المسيـد وخزّان عين بلوين وخزّان عين طاحونة،

* ولا مركز التحكّم في صبّ الجافال بالقصبة يحتاج الى مُراقبة،

* وليس ثمة تلوث بكتيريولوجي في بعض الخزّانات وفي شبكة الرّبــط،

*وليس ثمة أيضا تهرّؤ في شبكة الربط،

* ولا سدّ كساب سائب عمليا ولا بد من تعزيزه بالموارد البشرية لإحكام مراقبته،

* ولا محطة أم الطبول بطريق نفزة بحاجة إلى الحماية.

هي فقط استتباعات الأشغال بحكم الكثافة التواترية للتدخلات في فصل الصيف؟ إي نعم ؟ وهب أن ذلك صحيح فالمسؤولية مسؤولية من؟  ومن يدفع فاتورة هذه الاستتباعات؟

مساءلة وزارة الصحة

إنّ مياه الشُّرب تخضعُ للمراقبة القانونية للسلطات الصّحية التي تأخذ في أيّ وقت وأيّ مكان عيّنات من المــــاء لتحليلها وتتّصل بالجهة المعنيّة في حالة وجود خلل ما. فإلى متى يستمر صمت وزارة الصحة على هذه المشكلة ؟ لا أعتقد أنها بمنأى هي أيضا عن حقّ المُواطن في مُساءلتها أمام الاستشعار المتزايد لمخاطر تلوث الماء المُعدّ للشراب،،،، إن السُّلطات الصحيّة بمقتضى الفصل 32 من الدستور مطالبة بإفادة الرأي العام عبر بلاغ رسمي بنتائج مراقبتها لمياه الشُّرب ولاسيما خلال الشهرين الأخيرين بما يجيب عن تخوفات المواطنين من تلوث بكتيريولوجي مُحتمل.

مسؤولية المجتمع المدني

أمام تفصي الصوناد كعادتها من تحمل مسؤولياتها ومكاشفة المواطنين والمجتمع المدني بالإجابة على الأسئلة الجوهرية المتعلقة بحقهم المشروع في الصحة رغم اتساع دائرة التضرر، ورغم تعمق مساحة التأويلات وهو ما من شأنه أن يزيد في تغذية موجة الغضب لدى المجموع العام للمتساكنين فإني أدعو رابطة حقوق الإنسان واتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين وهيئة المحامين والدفاع عن المستهلك من منطلق الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطن المضمونة بالقانون الدولي والتشريعات المحلّية، ومنها الحقّ في الصحّة، والحقّ في الماء، والحقّ في بيئة سليمة ومتوازنة، وهي الحقوق المضمونة بالفصول38 و44 و45 من الدستور إلى رفع دعوى ضد الشركة المذكورة على غرار تلك التي سبق للرابطة أن تقدمت بها ضدها في أوت 2016  والمطالبة بتكليف خبراء مختصين وبالتالي محلّفين لمعاينة خزانات المياه والوقوف على جميع الآليات الإدارية والتقنية المُعتمدة من قبل الصوناد في توزيع المياه بدائرة الاختصاص الترابي وعلى العلاقة السببية المُحتملة بين تغير طعم الماء ولونه والأشغال الحالية المنجزة بالمنطقة من ناحية ، وهي على أية حال أشغال متعاودة، وآليات المراقبة والمعالجة من ناحية أخرى والوقوف من ثمة على الأسباب الحقيقية للتلوث المسجل في مياه الشرب.

د. زهير بن يوسف

Comments (0)
Add Comment