حقل القمح وعربات القطار..

0

حقل القمح وعربات القطار..

وقفت أمام الحقل الممتدّ أسرّح بصري وألتهم خضرته.. بي جوع إلى الّلون الأخضر ..بي جوع إلى حقول السنابل المتمايلة الحبلى.. بي حنين إلى الرغيف الأسمرفي ريفنا التونسي الجميل الفقير في ذاك الزمن الجميل البعيد..آه ..

وهناك حيث يمتدّ نظري أرى القطار الطويل بعرباته الزاهية الألوان رابضا غير بعيد عن الحقل كأنّي و إيّاه ننتظر الحصاد وتعود.. بي الذاكرة إلى سنين الطفولة عندما كنت أرى القطار يجرّ بجد جهيد عرباته العديدة و قد امتلأت بالحبات الذهبية آه.. ذاك زمن الخيرات و البركات..
عاد القطار يجرّ عرباته عاد القطار لكنه اليوم لا يحمل الحبوب إلى الموانئ لتذهب بعيدا بل صار يجلب اليوم القمح  الوارد علينا من أوكرانيا وجورجيا  وفينزويلا وغيرها من الدول المنتجة للحبوب آه لم تعد باجة بقرة حلوبا ولم تعد تونس مطمورا لروما بل لم تعد توفر حتى غذاءها
اعلموا يا سادة أننّا نزرع حوالي ملون وخمسة مئة ألف هكتارمن الحبوب :قمح صلب وقمح لين و شعير
وتحتاج هذه المساحة إلى 3مليون قنطار من البذور أمّا إنتاجنا فلا يتجاوز 12 مليون قنطار نجمّع منها 7 ملايين قنطار فقط حيث تذهب حوالي 5 مليون قنطار إلى البذور و الاستهلاك الفردي و العائلي (أنواع من العجين التقليدي و العصري) هذا بالنسبة إلى إنتاجنا فكم نستهلك؟
بحسب العارفين بهذا المجال وبحسب أرقام وزارة الفلاحة فإنّنا نستهلك شهريا حوالي 01 مليون قنطار من القمح الصلب و مثلهم من القمح اللّين( الفرينة) ما ننتجه بالكاد يغطّي استهلاك  بعض الأشهر مطمور روما لا تنتج إلاّ ما يغطي استهلاكنا لمدة أشهر  نستورد البقية  تقريبا كلّ شهر نستورد غذاءنا بالعملة الصعبة بالعملة “العسيرة” و التي تزداد عسرا كلّما ازدادت الأوضاع الاقتصادية و السياسية تأزما
يربض القطار هناك قريبا من الميناء ينتظر سفينة لن ترسو إلاّ إذا دفعنا الثمن وأسعار القمح ترتفع في السوق العالمية بسبب الحرب وغير بعيد عن الحقل والقطار تنتشر هنا وهناك قرى و بلدات ريفية صغيرة  لما تتجوّل في أسواقها يمكنك أن ترى وبوضوح على الرصيف أكياس الخبز وقد تكدّست  تباع وتشترى لتكون علفا بخس الثمن للمواشي  وغير بعيد مازال القطار رابضا في ألم ينتظر يسمع أنين الجياع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.