جامع الباي بمدينة باجة: سِيَرُ الرِّجال (2) بقلم د/ زهير بن يوسف
من تولى الإمامة والخطابة
امتازت الجوامع الحنفية عن غيرها بتولية الأيمة والخطباء فيها “بأوامر عليّة” لأنّها جوامع ملكية. كما أنّ الإمامة والخطابة فيها كانتا خطتين مستقلتين عن بعضهما بعضا، ونَدَرَ أن يجمع بينهما شخص واحد حتى أنّ الدولة لمّا اضطرت في عهد محمد الصادق باي (1859-1882) إلى “الجمع بين الخطتين في الولاية”[1]تحت وطأة الأزمة المالية التي عرفتها ميزانية البلاد لم تسحب ذلك على الجوامع الحنفية أو على معظمها على الأقل إذ بقيت هذه الخطط قائمة الذات في جامع الباي منذ تأسيسه حتى الآن بدون انقطاع.
تشمل الإمامة بالجوامع الحنفية الإمام الأول ويسمى الخطيب وهو الذي يختص بالإضافة إلى الجمعة بصلاة العيدين والخُسُوفين والاستسقاء[2]، والإمام الثاني ويسمّى الخليفة وهو الذي يؤم في الصلوات الخمس، وتمّ في وقت لاحق إحداث خطة إمام ثالث يسمّى النائب وهو الذي يستخلفه الإمام الثاني كلما تعذّر عليه القيام بمهامه.
وإذا كانت المصادر لم تضبط أسماء أيمة الجامع الحنفي رغم أنه مسجد جامع ملكي منذ تأسيسه فإنّ بعضها الآخر قد عرّج على عدد من هؤلاء الأئمة للأدوار التي قاموا بها في عصورهم ولكن دون أن تمدّنا بترتيبهم ولا بعددهم مما دفعنا إلى تقصّي المسألة بغاية إخراج بعض هذه الشخصيات الدينية من طيّ النسيان وتبيّن مكانتها العلمية والاجتماعية في البيئة التي عاشت فيها والأدوار التي أدتها في خضمّها.
ويكشف لنا تتبع قائمة الأيمة والخطباء بجامع الباي منذ تأسيسه إلى حدود الأربعينات من القرن XX، تعاضدنا في ذلك المصادر الشفوية[3]أنّ هذه المنشأة الروحية، إلى جانب تلبيتها لاحتياجات الدولة من الإطارات في الخطط الدينية والعلمية والقضائية، قد حافظت على عادة استقرار الإمامة في العقب[4]لمدة قاربت ثلاثة قرون، إذ تداول على خطة الإمامة فيها أفراد أسرتين حنفيتين أساسا هما أسرة ابن مامي وأسرة ابن يوسف مع حضور، فيما بلغنا، غير متواتر لأسرة حنفية أخرى، تخرّج منها عدد هام من العدول، هي أسرة مبزعيّة الحنفي.
فإذا كانت المصادر التاريخية وكتب التراجم في القرن XVIII قد أوردت شذرات من أخبار أيمة الجامع الحنفي من أسرة ابن مامي مما يرجّح أن هذه الخطة قد انحصرت في أبنائها منذ تأسيس الجامع إلى منتهى العصر الحسيني الأول فإنّ وثائق الأرشيف و”الأوامر العليّة” تثبت أنّ إقامة الشعائر بالمؤسسة الروحية المذكورة “من إمامة وأذان ووقادة” قد انتهت انطلاقا من سنة 1825 على الأقل إلى آل ابن يوسف الحنفيين “سلفا عن خلف واحدا بعد واحد”[5].
وقد كان غالب خطباء جامع مراد باي الحنفي على درجة عالية من العلوم الدينية والشرعية واللغوية ناهيك بأيمة المذهب الحنفي في عصرهم : علي شُعيب ويوسف الإمام وبأعلام العلماء مثل حميدة المفتي ومحمد المغربي. ومن هؤلاء الأيمة والخطباء نذكر:
1- محمد بن مامي الحنفي(ت بعد 1748)[6]:
هو الإمام ابن مامي الأب. عيّنه حسين بن علي إماما خطيبا بجامع مراد باي و”أدرّ عليه من إحساناته وتعطفاته كلّ الإحسان، وله كسوة في كل عام”[7]، نوّه حسين خوجة بخطبته. اضطهده علي باشا مما ألجأه مرارا إلى مغادرة المدينة والالتجاء لدى قبائل الجبل[8] . كان ” الناس يقصدونه في قضاء حوائجهم” مما يشي، فضلا عن المكانة الدينية و الوجاهة الاجتماعية التي كانت تتمتع بها النخب العلمية، بالامتيازات المعنوية التي كان العلماء يتمتعون بها و خاصة في مستوى الوساطة الفاعلة بين الأهالي والسلط مما يذكر ببعض الأدوار التي اضطلع بها عدد من الصلحاء في الفترة الوسيطة.
2- محمد بن مامي الإبن(ت بعد 1761)[9]:
هو الإمام الخطيب محمد بن محمد بن مامي. تولىّ الإمامة بجامع الباي في حياة والده، ويبدو أنه ارتقى بعد ذلك من رتبة إمام ثان إلى رتبة إمام أول، إذ يذكره أرشيف العدول بصفات “الإمام الخطيب الواعظ” أو “الخطيب ابن الخطيب الفقيه محمد بن مامي” علاوة على صفتي المدرّس و المحدّث[10]. استقر به المقام بتونس على إثر عودة الحسينيين إلى الحكم و كان سنة 1761″ إماما عندهم”[11]، ضمن دائرة علي باي (1759-1782) الضيقة، يختصه صاحب المشرع الملكي، وهو من أصدقائه، فضلا عن ذلك دون غيره من المصادر بصفتي”الأديب” و ” الشّاعر”[12].
3- محمود بن مامي(ت بعد 1748)[13]:
هو ثاني أبناء محمد بن مامي الأكبر. وقد كان بدوره إماما بالجامع الحنفي وتعرّض إلى ما تعرّض إليه والده وشقيقه من نفي و اضطهاد بسبب انحيازه للشرعية الحسينية وموقفه من سياسة علي باشا.
4- قاسم بن مامي(ت بعد 1175/1761)[14]:
الشيخ الصالح المدرّس المحدّث الخطيب أبو الفضل قاسم بن الفقيه محمد مامي،هذه هويته الكاملة كما ينصّ عليها أرشيف العدول، هو ثالث أبناء محمد بن مامي الأكبر. تولى الإمامة والخطابة بجامع الباي في تاريخ لم نتمكن من ضبطه بالتدقيق إلا أنه لا يخرج عن خمسينات القرن XVIII زيادة على التدريس.
5- أحمد بن مامي(ت بعد 1175 1761)[15]:
هو أبو العباس أحمد بن الشيخ قاسم بن محمد بن مامي. من أعلام الفقهاء الأحناف في عصره. نعلم بالتأكيد أنه كان في حدود سنة 1175/1761 إماما ثانيا بجامع الباي وكان يتمتع برصيد كبير من الهيبة والتقدير.
6- مُقداد مبزعيّة الحنفي(ت قبل 1261/1845)[16]:
هو مقداد بن حمزة بن عثمان بن عباس مبزعية الحنفي، فقيه عدل، برز في التوثيق و النوازل،تذكره رسوم العدول إلى ذلك بوصفه إماما، دون اختصاصه بصفة الخطيب،مما يشي أنه تقلّد خطة إمامة الخمس بالجامع الحنفي، و تضيف إليه صفة الشيخ بما يرجّح أنّه كان أحد شيوخ الدّرس في الفقه الحنفي بجامع الباي ومدرسته.
أحمد بن الحاج ابراهيم بن يوسف. ولد في غر ة جويلية 1889 بباجة وتوفي في 7 جويلية 1969 في رادس و بها دفن. وهو أحد أحفاد الصغير بن يوسف صاحب”المشرع الملكي في سلطنة أولاد علي التركي”. في 17 جويلية 1908 سمي عدلا بباجة، ثم تحصل على شهادة التطويع سنة1911، في 2 أوت 1912 سمي كاتبا بقسم القباضة بإدارة جمعية الأوقاف وكان يدرس بالجامع الأعظم، سمي عدلا مبرزا بتونس في 23 جوان 1927 ،وقد ورد في المفيد السنوي لسنتي 1935/1936 أن أحمد بن يوسف الباجي شغل خطة كاتب مجلس جمعية الأوقاف في تلك السنة. في رادس كان يجالس الشيخ الحطاب بو شناق، و قال عنه فضيلة الأستاذ الشيخ محمود شمام” وهو مثقف ثقافة عالية يحرر بأسلوب قيم انتخبه و اصطفاه محمد سعد الله لما كان مديرا لجمعية الأوقاف. مجلة الهداية عدد 154 سنة 2003
7- محمّد بن سليمان بن يوسف (ت1884)[17]:
أقدم من وصلنا اسمه من أسرة آل ابن يوسف الأحناف الذين باشروا خطة الإمامة و الخطابة بجامع الباي”من قديم” وتحديدا منذ سنة 1825 على الأقل فضلا عن التدريس. تشير وثائق الأرشيف إلى أنه كان مباشرا لخطته تلك منذ سنة 1855ـ1856 على الأقل بوصفه إماما أول بالجامع الحنفي.
8- عثمان بن يوسف(ت1326/1908)[18]:
هو عثمان بن سليمان بن محمد بن يوسف. تشير المصادر الأرشيفية إلى أنه كان منذ سنة 1855ـ1856 على الأقل الإمام الثاني بجامع الحنفية ثم تولى الخطابة، في تاريخ لم نتمكن من تحديده بدقة نرجح أنه كان في حدود سنة 1884 تاريخ وفاة الإمام الأول، ولكن دون أن ينقطع عن مباشرة مهام العدالة والتوثيق واستمر في الاضطلاع بمهامه الشرعية المذكورة إلى تاريخ وفاته عام 1908.
9- محمود بن يوسف(ت 1327/1909)[19]:
شقيق السابق وجليسه في مهنته كعدل إشهاد. كان إماما ثانيا بالمؤسسة الروحية التي نُعنى بها في نفس الفترة التي كان فيها شقيقه سالف الذكر إماما أول. وعلى إثر وفاة هذا الأخير صدر مرسوم الوزير الأكبر يوسف جعيط بتسميته إماما أول “بعدما بانت لديه الصلوحية لذلك مع الحجة والريادة”[20]، إلا أنه لم يلبث طويلا في هذه الخطة إذ أدركته الوفاة عام 1909.
10- علي بن يوسف(ت 1924)[21]:
هو علي بن عثمان بن يوسف نجل الإمام الخطيب الأسبق بجامع الباي، عُيّن سنة 1908 في خطة إمام ثان خلفا لعمّه الشيخ محمود بن يوسف الذي ارتقى إلى خطة إمام أول عوضا عن عمّه المتوفى، وفي مارس 1910 ارتقى إلى خطة إمام أول واستمر في مباشرته لمهامه إلى تاريخ وفاته يوم 14/08/1924 .
11- امَحمّد بن يوسف(ت 1941)[22]:
هو مَحمد بن العربي بن سليمان بن يوسف. فقيه حنفي وقارئ. عُين إماما ثانيا بالجامع الحنفي بأمر علي من الناصر باي في مارس 1910 “لبلاغته” في نفس التاريخ الذي سُمّي فيه ابن عمّه علي بن يوسف إماما أول. وفي سنة 1924 ارتقى إلى خطة الإمامة الأولى والخطابة بالجامع المذكور. واستمر في هذه الخطة إلى وفاته سنة 1941.
12- مُحمد بن يوسف(ت بعد 1946)[23]:
هو محمد بن عثمان بن يوسف فقيه حنفي وقارئ اشتغل بالكتابة لدى العدول. عين في مطلع سنة 1924 إماما ثانيا بالجامع الحنفي على إثر وفاة شقيقه علي بن يوسف الإمام الأول، ورغم إجماع ستة عشر إماما من الحنفية على تزكيته لهذه الخطة فإنّه أبى سنة 1925 إلا أن يقدم استقالته منها بعد مباشرته لها عن مضض مدة عامين “لعدم كفاية الراتب”[24]مع “عسر الحال وغلاء الأسعار”[25]. إلا أنه عاد في سنة 1941 وبإلحاح من الأهالي ليترشح إلى خطة الإمامة الأولى والخطابة نظرا إلى ما حصل فيها من شغور، ولكن رغم العرائض التي توجه بها أعيان الحنفية بالمدينة إلى السلطات وإلى شيوخ المجلس الحنفي فقد تم الإصرار على عدم تسميته في الخطة الشرعية المرغوبة لسابقة الاستعفاء التي لم يسبقه إليها أحد وربما أيضا بسبب المضمون الاجتماعي في خطابه الديني وقد حُمل على
محمل التجريح[26]ومع ذلك ظل
مباشرا للإمامة والخطابة بالنيابة إلى أن ورد مكتوب في إبطال نيابته بتاريخ
21/6/1943.
الهوامش:
[1]- محمد بن الخوجة، معالم التوحيد في القديم و الجديد،تح، الجيلاني بن الحاج يحيى وحمادي الساحلي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط 1، ،1982، ص 173.
[2]– محمد بن الخوجة، معالم التوحيد، ص 271.
[3]- رواية السيد حافظ بن الطاهر بن يوسف عن جده امحمد بن العربي بن يوسف وقد كان إماما خطيبا بالجامع الحنفي وعن والده الشيخ الطاهر بن يوسف (ت1969) وقد كان مؤذنا ومؤدبا وإماما ثانيا بالنيابة في الجامع نفسه.
[4]- مثال ذلك أيضا أسرة المفتي بالجامع الكبير بباجة “وهم دار علم من قديم الزمان كابرا عن كابر وهو [حميدة المفتي] العاشر من سلسلتهم”. وآل عباس بجامع القصبة وآل بُرناز وآل برتقيز وآل الستاري والأبّي بجامع القصر وآل بيرم بجامع يوسف داي وآل ابن القاضي بجامع حمودة باشا وآل بلخوجة بجامع محمد باي وآل البكري وآل محسن وآل الشريف بجامع الزيتونة وآل النفاتي بجامع باب الأقواس وآل بلحسن بجامع باب الجزيرة بتونس.
[5]- رسالة الشيخ محمد السعيد قاضي باجة إلى مصطفى دنقزلي الوزير الأكبر في 5/8/1925، أ.و.ت، السلسلة D، الصندوق 4،الملف 17.
– حسين خوجة، ذيل البشائر، ص146 .[6]
– حسين خوجة، ذيل البشائر، ص146 .[7]
[8]- حسين خوجة، ذيل البشائر، ص 146. . B.Youssef (M.S), Chronique Tunisienne, 146 ومما يؤكد ما كان البايليك يغدقه من عطاء مالي على أصحاب الخطط الدينية، بحكم حاجته إلى ولائهم و دعمهم لشرعيته، حجم ما كانوا يتمتعون به من ملكية و استثمار وخاصة في المجال الفلاحي، فقد كان محمد بن مامي الحنفي، وفقا لكتب عدلي مؤرخ في شعبان1145/1733 بشهادة العدلين بباجة بلقاسم المفتي وأحمد زيد، مخطوط خاص، يملك فيما يملك “جميع 16 ماشية وربع (163 هكتارا تقريبا) من هنشير بير العفوّ بوطن فطناسة”، فوّت في نصفها بالبيع لبلقاسم ابن محمد عُرف بن عبد الله اليعقوبي من أولاد نصر.
[9]- ابن يوسف، المشرع الملكي، المجلد1، ص298 B.Youssef (M.S), op. cit 258, 272, 337
[10]- عقد ملكية لبلقاسم الشوذري مؤرخ في عام1175/1761 يحمل توقيع العدلين محمد الخرنوبي ومحمود الأصفر: وثائق المرحوم محمد علي مبزعية،
– ابن يوسف، التكميل المشفي للغليل، خ.د.ك.وط.بتونس رقم5264، و:229و. [11]
– ابن يوسف، المشرع الملكي، المجلد1، ص298. [12]
[13]- ابن يوسف، التكميل المشفي للغليل، خ.د.ك.وط.بتونس رقم5264، و:229و. B.Youssef (M.S), op. cit 375.
– وثائق المرحوم محمد علي مبزعية، عقد ملكية لبلقاسم الشوذري- مؤرخ في 1175/1761 بتوقيع العدلين محمد الخرنوبي ومحمود الأصفر. [14]
– وثائق المرحوم محمد علي مبزعية، المصدر نفسه.[15]
[16]- استفدنا بيانات هوية هذه الشخصية من رسوم العدول و بالأساس من كتب خطي مؤرخ في 1261/1845 يحمل توقيع الشيخ محمد الحيدري يخص رسم حبُس حمزة بن حسين مبزعية الحنفي،كما استفدنا من غيرها أسماء أربعة فقهاء عدول أحناف من نفس هذا الأسرة الحنفية هم بلحسن بن مقداد مبزعية ( ت بعد1312/1894) ومحمود بن مقداد مبزعية ( ت قبل 1304/1886) ومحمد بن الحاج أحمد مبزعية ( ت بعد 1277/1859) وعلي بن عثمان مبزعية (ت1943)، وقد حاول هذا الأخير الوصول إلى خطة الخطابة بالجامع الحنفي ولكن دون طائل.
– أ.و.ت، دفاتر الجباية، الدفتر 634، ص13-14،17. بيان أسماء الشيوخ المدرسين بباجة، أ.و.ت، السلسلة د، الصندوق41، الملف2/ 2[17]
[18]- أ.و.ت، السلسلة D، الصندوق 4، الملف 17/1 Duraffourg, Béja et ses environs, Lille, 1886, p 218.
[19]- أ.و.ت، السلسلة D، الصندوق 4، الملف 17/1.
– أ.و.ت: السلسلة د، الصندوق17 ، الملف 17. ، مراسلة محمد حيدر قايد باجة إلى الوزير الأكبر يوسف جعيط في 7/8/ 1908[20]
[21]- أ.و.ت:السلسلة D، الصندوق ،4 الملف 17/2 .
[22]- أ.و.ت : السلسلة D، الصندوق 4، الملف 17/3.
[23]- أ.و.ت : السلسلة D،الصندوق 4 ،الملف 17/4.
[24] – كان هذا الراتب يقدر بـ10 فرنكات، و رغم أنه وقع الترفيع فيه إلى 15 فرنكا من قبل جمعية الأوقاف في جانفي 1926 لم يقبل بمباشرة أعماله،
– أ.و.ت ، السلسلة د،الصندوق 4 ،الملف 17/4.[25]
[26]- راجع حادثة يوم الجمعة 21/12/1945، تقرير حميدة الزواوي عامل باجة إلى الوزير الأكبر صلاح الدين البكوش في 3/1/1946. أ.و.ت،السلسلة D، الصندوق 4، الملف 17/7.