مدينة باجة: الطور العربي والقاعدة الإقليمية

0

مدينة باجة: الطور العربي والقاعدة الإقليمية
بقلم: د. زهير بن يوسف
انطلاقا من هذا التاريخ سيكون دور “حاضرة الشمال ومأوى قراه ” كما يقول ابن أبي الضياف رياديا إذ ستتكرس مكانتها كمركز إداري وعسكري واقتصادي وروحي لكامل منطقة التلال من درنة ( سيدي مشرق حاليا) إلى الأربس ( قرب الدهماني، ولاية الكاف) غربا، فقد كانت سوقا كبرى للحبوب وهي الوظيفة التي ما انفكت تستاثر بها حتى اليوم ومنها دورها كعاصمة اقتصادية لشمال البلاد خصوصا على الصعيدين الفلاحي والتجاري، كما كانت دوما عاصمة إدارية إقليمية وقاعدة حصينة لوقوعها في طريق الغزوات المتأتية من الحدود الغربية علاوة على كونها مفترق طرق رئيسيا وهي الوظيفة التي أخذت في استعادة أهميتها في الزمن الراهن.
فقد وجه الأغالبة ( 800- 909 م) عنايتهم إلى باجة في إطار اهتمامهم بالوضع الاقتصادي واعتنائهم أساسا بالفلاحة وتشجيع المزارعين على استغلال أوسع المساحات الممكنة مما كثّر الإنتاج وحسّن مستوى المعيشة وظروفها ونمّى مداخيل الدولة وطوّر أساليب الزراعة والسقوية منها بالخصوص وهو ما جعلها تسترد وظيفتها كعاصمة إقليمية لأثرى جهات البلاد وأخصبها فغدت عن جدارة مطمور المغرب الأدنى بل ومن أكثر المناطق اجتذابا للسكان بحكم حيوية الأنشطة الاقتصادية الممارسة بها، وهذه شهادة ابن حوقل (ت 977م): ” باجة مدينة قديمة أوّلية كثيرةُ القمح والشعير ولها من الغلات والزروع ما ليس بجميع المغرب مثله كثرةً وجودةً ونقاءً، وهي صحيحة الهواء كثيرة الرّخاء واسعة الفضاء غزيرة الدخل على السلطان وافرة الأرباح على تجارها والمزارعين بها”.
واتجهت عناية الفاطميين ( 909- 972م) إلى باجة فعززوا تحصيناتها ووسعوا سورها وأسس الخليفة إسماعيل المنصورجامعها الأعظم عام 944م على أنقاض كنيسة المدينة الكبرى التي دمرها الخوارج بقيادة أبي يزيد صاحب الحمار بعد أن دخلوا المدينة بالسيف وأباحوها ثلاثا وحرقوا ديارها وسبوا نساءها وعبثوا بالأطفال الرضع وفعلوا بأهلها العجائب كما يقول ابن أبي دينار، وبعد فترة من الاستقرار والأمن عاشتهما المدينة وإقليمها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.