القلصادي: رائد الرياضيات بالمغرب الإسلامي
د. زهير بن يوسف
- القلصادي: المسيرة والأثر
علي بن محمد بن محمد بن علي القلصـادي، أبو الحسن، عالم رياضيات Mathématicien:
– ولد بـبَسطة Badajoz بالأندلس(جنوب اسبانيا) عام 815 / 1412 ونشأ بها،
– وعاش بغرناطة ثلاثين عاما 1451-1481 يبث العلوم الرياضية في صدور رجالاتها.
– وأقام ردحا من الزمان بتلمسان( الجزائر)
– ليستقر نهائيا بمدينة باجـة( تونس)، وقد كان للعلم بها سوق نافقة وتخرّج من أبنائها أعلام، خلال السنوات الأخيرة من حياته وتوفي بها في منتصف ذي الحجة 891 / 1486، بعد إقامة تواصلت لحوالي ثلاث سنوات ونصف.
وبمدينة باجة أنجز أهم أعماله على الإطلاق وهو كتاب
« كشف الجلباب عن علم الحساب « .
- القلصادي عالم رياضيات رائد
يعدّ علي القـلصادي واحدا من أبرز أعلام المدرسة المغاربية في الرياضيات بل مؤسس منظومة علمية بحالها في هذا الميدان، منظومة متميزة بالابتكار والتجديد ليس فقط بالقياس إلى من سبقها وإنما أيضا بالنسبة إلى معاصريها.
- القلصادي: رأس مال رمزي عالمي
إذا كان القلصادي قد عاش في القرن XV فإنّ تأثيره في التفكير الرياضي العالمي من حيث إسهامه في التقدم به منهجيا ومعرفيا ممّا لا يحتاج فيه إلى كبير استدلال:
* أو لم تظل آثاره مقرّرة في برامج التدريس بجامعات تونس والجزائر حتى نهايات القرن التاسع عشر؟ وإلى مطلع القرن العشرين بجامع القرويين بفاس بالمغرب الأقصى؟
* أو لست تشاهد اسمه منحوتا بأكبر أروقة جامعة كويمبرا- قلمريّة Coimbra بالبرتغال، خامس اعرق جامعة في العالم(1290م) ضمن قائمة كبار أعلام الرياضيات المشهود لهم عالميا بالاقتدار والإبداع؟
* ا وليست دور الكتب الوطنية تزخر بتراثه الإبداعي الضخم: مخطوطات على شوق عارم إلى التحقيق و رؤية نور النشر.
- إضافات القلصادي في الرياضيات
تكمن قيمة مؤلفات القلصادي فضلا عن تعدد حقولها المعرفية في توجهاتها البيداغوجية الهامة وما تتميز به من أفكار جديدة ولا سيما في العلوم الرياضية مدارها:
1.4 – إضافة بعض القيم التقريبية الجديدة للجذر التربيعي استعملها ” طارطاقليا ” Tartaglia في القرن XVI وقال عنها ” غــنتر ” Gunter بأنها كانت منطلقا في الرياضيات للكسر المتواصل.
2.4 -تخليص الخطاب الرياضي في النثر العلمي العربي من الإيغال في الشاعرية والأساليب الإنشائية وإكسابه طابعا جديدا متسما بالبراعة في إثراء الأدب العلمي بأول استعمال نظامي للرموز والإشارات الدالة على العلامات والمجاهيل .
4.3- الحرص المنهجي على إبلاغ الخطاب الرياضي الجديد،
ليس فقط للمختصين، بل وأيضا للمبتدئين، ولكل الذين تهمهم الرياضيات بشكل أو بآخر في سلوكاتهم اليومية وشتى مدارات اهتماماتهم الحياتية،
الأمر الذي جعل تصانيفه مرسومة بالنزوع إلى تبسيط المسائل والترتيب والتبويب واختصار العمليات والمعادلات ولعديد الأمثلة وإرفاقها بما تقتضيه من رسوم بيانية.
- أماكن الذاكرة: ما يزين وما يشين؟
يوم 28 مارس 2019 تحولت خصيصا إلى جامعة كويمبرا البرتغالية وكنت في منتهى الاغتباط وأنا أصافح مواطني عالم الرياضيات الشهير علي القلصادي وابن البناء المراكشي وغيرهما وقد شهدت لهم واحدة من أعرق جامعات العالم بالتفوق والتميز، وكانت محاورة لروح مكان يضج بالأسامي والأمجاد والرموز،
وبعودتي إلى مدينة باجة سارعت إلى الوقوف بكل إجلال أمام النقيشة التخليدية التي تشير إلى المحل الذي أقام القلصادي به وألف فيه أشهر مصنفاته على الإطلاق وهو “كشف الجلباب عن علم الحساب”،،، طمعا في المحاورة والمكاشفة والمساكنة،
فوجدتني في مكان بلا روح!
مكان ران عليه غبار النسيان،
وتغيرت صبغته بما لا يليق برمزيته،
ونقيشة تخليدية منسية يبدو أنها صيانتها وتعهدها ليست على روزنامة بلدية ولا مندوبية ثقافية ولا هيأة جمعية ولا مجموعة محلية!
فاكتفيت:
– بمقبرة المسيد حيث كان مثوى القلصادي الأخير في جوار رباط أثري يبدو أنه كان مقرا للزهاد والعُباد والصالحين، – وبصدى رجع شعبي بعيد كان يردد في نبرة تنوء بثقل التاريخ وأعباء الحاضر:
يا بوخامة،
والتواتي شيخ علاّمة،
والقلصادي علم وزعامة،
والمغراوي مقصود بلاد”!