تونس الأعماق

0

     د. زهير بن يوسف                                                                                            

          يُحيي التونسيون باعتزاز  ذكرى حوادث 9 أفريل 1938 ويحرصون في هذا اليوم المجيد: مجتمعا مدنيا وسلطات وهيئات عمومية على تكريم كل شهداء تونس الذين قضوا من أجل الاستقلال وسيادة الشعب ومناعة البلد او من أجل مقاومة الاستبداد ومن أجل إرساء العدالة الاجتماعية بين الفئات والجهات.

1. شهداء معركة التحرّر الوطني:

   تُثبت يوميات الكفاح الوطنيّ انخراط أحرار الجهات الداخلية المهمشة، على سبيل المثال، في النّضال ضدّ الاستعمار الفرنسي ودفعهم لضريبة ذلك غالية، كما تُثبت مشاركة نساء المنطقة منذ بدايات الاحتلال في المعارك ضدّ الغزاة وسقوط شهيدات منهنّ.

  1.1 – ففي معركة بن بشير (قرب بلاّريجيا) التي دارت يوم 30 أفريل 1881 بين أشاوس عمدون وأولاد بوسالم والشيحيّة والخمايريّة والقوات العسكريّة الفرنسيّة سقط ما لا يقلّ عن مائة وخمسين (150) شهيدا من بينهم  مجموعة من النّساء كنّ قد شاركن في المعركة.

 2.1  – وفي مجاز الباب، أسلمت المواطنة مدلّلة حوريّة الرّوح تحت تأثير التّعذيب الذي استهدفت له بمحلات الاستنطاق ثمّ بالسّجن.

  3.1 – أمّا في انتفاضة وادي الزرقاء، معتمدية تستور، (30 سبتمبر، 1و2 أكتوبر 1881) التي تُعتبر حدثا سياسيّا وعسكريّا على قدر كبير من الأهميّة في تاريخ تونس المعاصر، بما هي شكل شعبيّ من أبرز ردود أفعال الأهالي على حدث الاحتلال، فقد أشارت التّقارير الفرنسيّة إلى سقوط إثني عشر (12) شهيدا أغلبهم من أولاد عرفة من دريد وأولاد مرعي ومزوغة.

 4.1  – واستشهد الشّاب صالح بن خذّاري الكوكي، أصيل هنشير الزّعفران،( سيدي إسماعيل، باجة الجنوبية) يوم 2 أكتوبر 1937 عند مدخل قنطرة وادي باجة على طريق تونس في حادثة منع دخول الشّيخ عبد العزيز الثّعالبي من دخول باجة لعقد اجتماع مناهض للدّيوان السّياسي، أصيب برصاصة على مستوى الصدر أطلقتها عليه قوّات الجندرمة.

5.1  – وتشير التقارير الفرنسيّة إلى أنّ القصف النازيّ لمدينة باجة «عام الهجّة» وتحديدا يوم 20 نوفمبر 1942 قد أسفر عن سقوط العديد من الضّحايا: حوالي مائتي (200) قتيل ومائة (100) جريح.

 6.1  – أمّا يوم 11 مارس 1943 فقد كان يوم مجزرة بحقّ، إنّها مجزرة «هنشير الصفصافة» من عمادة بوحزام، 20 كلم شمال شرقي  مدينة باجة حيث تمّ تنفيذ الحكم الأعمى بالإعدام رميا بالرّصاص على 10 أشخاص هم كلّ من:

1.1   عبد الكريم بن محمّد بن يوسف – 41 عاما – فلاّح

2.1   منوّر بن الصغيّر بن يوسف – 30 عاما – فلاّح

3.1    الطّاهر بن الصّغير بن يوسف – 25 عاما – فلاّح

4.1    نور الدين بن عثمان بن يوسف – 18 عاما – طالب

5.1   محمّد الكوشادي – عامل

6.1    منوّر بن الصغيّر الجعيدي – عامل

7.1    فرحات بن الصغيّر الجعيدي  – عامل

8.1     احميدة بن منصور – عامل

9.1   العربي بن محمد بن منصور، عامل

10.1  حامد بن مبروك الطبّوبي – عامل

11.1 حارس مغربي يدعى المرّوكي لم نتمكّن من معرفة هويّته

   تمّ ذلك من قبل الجيش البريطاني الأوّل، الكتيبة الإيرلندية رقم38، التي اشتهرت بكرهها للأهالي وحقدها عليهم وسلوكاتها الاستفزازيّة نحوهم، على خلفيّة إمّا أن تكون وشاية كيديّة بصاحب الضّيعة عبد الكريم بن يوسف الذي اشتهر بعلاقاته غير الوديّة مع المعمّرين أو مكيدة مدبّرة ضدّه.

  7.1 – يوم 2 فيفري 1952 أسلم المناضل الشّاب صالح بن محمّد بن صالح الأصفر الرّوح في محلاّت الجندرمة الفرنسيّة بمدينة باجة، حيث إدارة الأشغال اليوم بقصر البلديّة، تحت التّعذيب الشّديد الذي ناله بواسطة الصّدمات الكهربائيّة التي ظلّت آثارها بادية على جثمانه ولا سيّما في مستوى الوجه، وذلك على خلفيّة نشاطه الوطنيّ.

8.1   – وفي عام 1953 اغتالت منظّمة اليد الحمراء الإرهابيّة

ثلاثة 3 من أحرار نفزة، ولاية باجة،  هم :

1     عمارة بن علي الجميلي

2     أحمد بن سالم العيّادي

3     محمود بن بلعيد بن وصيّف

   بسبب انخراطهم في المقاومة الشعبيّة وضربهم لمصالح الاستعمار.

9.1   – وفي مجاز الباب أعدم المناضل احميدة الفازع شنقا في الطّريق العام.

   – وتوفّي الصغيّر بن علي بن الشّيخ، من مجاز الباب، بالسّجن المدنيّ نتيجة للقمع الاستعماري.

   2. شهداء معركة الجلاء:

         لم يتخلّف مواطنو الجهة عن الانخراط في معركة بنزرت (1961) من أجل الجلاء التّام عن كامل التّراب التّونسيّ واستكمال السّيادة، وقد أسفرت المواجهة الرّهيبة وغير المتوازنة مع الجيش الفرنسيّ عن مجزرة رهيبة في صفوف التونسيّين سقط فيها ما لا يقلّ عن خمسة آلاف (5000 ) شهيد حسب شهادة المؤرّخ جان ڤانياج وألف (1000) شهيد حسب شهادة الباجي قايد السبسي من بينهم 10 شهداء من ولاية باجة، على الأقل، تمثيلا  لا حصرا، هم :

1.2    محمّد بن عمر رڤابة

2.2   محمّد صالح بن وصيّف بن صالح بن أحمد

3.2    بولعراس بن محمّد بن صالح الهمّامي

4.2   عمر بن محمّد بن الطّاهر بن محمّد بن خميس

5.2    عمّار العبدلّي

6.2    على اللمّوشي

7.2     الحبيب الڤرامي

8.2   صالح بن الحاج محمّد

9.2  منوّر بن صالح بن رابح بن علي المديني

10.2. الناجي بن بوجمعة المديني.  

3. شهداء  26 جانفي 1978:

   تسبّبت سلبيّات التوجّه اللّيبيرالي ونقائصه واختلاله خلال السبعينات في حصول عدّة اضطرابات بالبلاد منها انفجار 11 نوفمبر 1977 بباجة الذي انطلق في صفوف الحركة التلمذيّة واتّسع ليشمل كامل النّسيج الاجتماعي، وبلغت الأزمة قمّتها بإعلان الاتّحاد العام التونسيّ للشّغل الإضراب العام يوم 26 جانفي 1978 لأوّل مرّة في تاريخ تونس المستقلّة.

   في يوم الخميس الأسود هذا استخدم النّظام البورقيبي الرّصاص الحيّ لقمع المتظاهرين. قوّات النّظام العام (BOP) أطلقت الرّصاص وتدخّل الجيش وسقط العديد من القتلى والجرحى واعتقل الآلاف.

   في هذا اليوم الرّهيب كان للجهة نصيبها من الضّريبة: دفعتها اعتقالات، إذ كان اثنان من أبنائها هما خير الدّين

Zouheir, date d’envoi : Hier, à 01:21

الصالحي وخليفة عبيد عضوا المكتب التنفيذي للاتّحاد العام من رموز القيادة النقابيّة الوطنيّة الّتي تمّ إيقافها فضلا عن القياديين النقابيين الجهويين محمد شقرون ومصطفى المديني.

   ودفعتها في الأرواح حيث استشهد الشّاب نجيب بن محمّد الحبيب بن يوسف ( 26 عاما ) أصابته رصاصة غادرة أطلقها عليه أحد القنّاصة بنهج ليون بتونس العاصمة حينما كان يهمّ بالدّخول إلى مقرّ سكنى بعض أقاربه حيث كان يُقيم. 

   4. شهداء معركة الحريّات

       لم تشمل أزمة الثمانينات الشأن الاجتماعي فحسب بل إنّها طالت أيضا الشأن السياسي وهو أمر بديهي ومتوقّع لأنّ  كلّيانية الدكتاتور المتعلم  والديكتاتور الجاهل كانت مصحوبة بالضرورة بانغلاق سياسي وقمع للحريّات الفرديّة والعامّة وفي هذا الإطار :

  * 1.4 لفظ الشاب عبد الستّار الطرابلسي (22 عاما، أصيل بلدة السّلوقيّة، تستور) أنفاسه الأخيرة يوم 4 جوان 1987 بمحلات سلامة أمن الدولة بباجة بُعيد إيقافه في التتبّعات التي طالت نشطاء الإسلام السياسي.

   * 2.4 كما استشهد المواطن محمد المنصوري (34 عاما، أصيل نفزة)، وهو ضابط في الجيش الوطني برتبة رائد، أثناء التّحقيق معه فيما عُرف آنذاك بقضية المجموعة الأمنيّة، كان ذلك يوم غرة ديسمبر 1987، صعقا بالكهرباء.

   * 3.4 وتوفي الفاضل الجبري ( 35 عاما ، أصيل عمدون) في  18 أكتوبر  1999 من تبعات التعذيب والإهمال الصحي.

   * 4.4 وفقد  حياته الحبيب الجبالي ( 44 عاما ، أصيل تبرسق ) في 30 مارس 2005 نتيجة الإهمال الصحي ومخلفات التّعذيب الذي طاله في محلات البوليس والسّجون على حدّ سواء.

   * 5. شهداء ثورة الحريّة والكرامة:

         إذا كانت جهة باجة قد انخرطت منذ وقت مبكر في انتفاضة الكرامة والحريّة نخبا وجماهير من دڤـة الجديدة إلى آخر نقطة في تراب الولاية مثلما هو شأن التونسييّن جميعا فإنّ المصادمات مع أجهزة القمع التّابعة للرّئيس للمخلوع قد بلغت أوجها بالخصوص يومي 11 و13 جانفي:

   * 1.5 ففي يوم 13 جانفي 2011 استشهد وائل بن الحبيب بولعراس، الشاب الذي لم يبلغ بعد 17 ربيعا، وهو تلميذ بمعهد 2 مارس، في شارع الحبيب بورقيبة بقلب مدينة باجة، قضى نحبه اختناقا بعبوّة غاز مسيل للدّموع تجاوز تاريخ صلوحيتها 16 عاما بحسب ما هو مبيّن على العبوّة نفسها، أفقدته عبوّة أولى الوعي وأصابته عبوّة ثانية على مستوى الصدر مباشرة من بعد 15 مترا، والتّحقيق جار في ظروف استشهاده والمتسبّبين فيه لدى الجهات الإدارية والقضائية ذات الصلة .

  * 2.5 وفي يوم الأحد 16 جانفي 2011 استشهد الضّابط الأزهر الكثيري (46 عاما، أصيل سيدي سليمان بوعديلة،  عمدون)، وهو وكيل أوّل بجيش الطيران التونسي، أصابه رصاص قنّاص غادر بمدينة بنزرت عند محاولته إيصال سيّدة حامل كانت على وشك الوضع إلى مصحّة الرّوابي على الساعة الرابعة فجرا .

• 6 شهداء مكافحة الإرهاب:

 1.6 الوكيل الأول لطفي العوادي(عين طونقة،تستور): استشهد  يوم 29 جويلية 2013، في كمين خطط له ونفذه ستة عشر (16) مسلحا فيهم ستة 6 جزائرين موزعين على 4 مجموعات كل واحدة تتكون من 4 إرهابيين هاجموا الدورية العسكرية من كل الاتجاهات عند منعرج حاد على الطريق المعبدة الوحيدة التي تشق جبل الشعانبي بينما كانت في اتجاهها على متن شاحنة عسكرية خفيفة نحو أعالي الجبل  محمّلة بوجبات الإفطار والسحور لتتمركز في المكان المخصص لها بهنشير التلة. زرع الإرهابيون ألغاما على حافتي الطريق امام وخلف المكان المخصص للكمين لمنع تقدم أيّة نجدة يمكن ان تصل، وعند الوصول إلى المنعرج الحاد الذي يفرض على كل وسيلة نقل تخفيض سرعتها إلى حد التوقف فاجأ الإرهابيون الدورية بوابل من الرصاص من جميع الجوانب ادى الى استشهاد العناصر العسكرية الثمانية قبل ان يردوا أي فعل.

2.6 وناظر الأمن محمد التوجاني( باجة):

  أصيب محمد التوجاني بطلق ناري نفذته مجموعة إرهابية  ليلة 23 أكتوبر 2013 عندما كان مباشرا  لعمله بدورية الطريق العمومي على مستوى المفترق المقابل لمصنع الفولاذ بمدينة منزل بورقيبة.

3.6 والملازم الأول بالحرس الوطني،عاطف الجبري(الطرهوني، عمدون) فقد حياته، في مواجهة مع الإرهابيين بروّاد بتاريخ  4 فيفري 2014 عندما اقترب من حائط المنزل لاستكشاف العدو فتم قنصه وهو ما جعل آمر الفصيل يتراجع عن المداهمة الفورية للمكان، وقد عجزت الفرقة المحاصرة للمنزل عن سحب جثة زميلهم الشهيد الى غاية اليوم الموالي نتيجة الخشية من القتل بعد أن ساد الاعتقاد بان المجرمين وضعوا الحائط جدار قنص للجهة المقابلة.

4.6  والعريف علاء العامري( السهيلي، باجة الجنوبية)

لفظ الشهيد علاء العامري أنفاسه يوم 6 نوفمبر 2014 متأثرا بجروح أصيب بها خلال استهداف حافلة كانت تقل عددا من العسكريين من قبل مجموعة ارهابية.

5.6 العريف ناجي الهمامي ( تستور)

استشهد بتاريخ 16 جويلية 2014 أثناء تعرض فصيلين تابعين للجيش الوطني  يعملان على مستوى نقطتين متباعدتين بالمنطقة العسكرية الموجودة في هنشير التلة بجبل الشعانبي، القصرين الجنوبية، إلى هجوم مسلح من طرف مجموعة إرهابية.

6.6 والملازم الأول نضال الطرابلسي

استشهد نضال الطرابلسي الملازم أوّل بالحرس الوطني  ورئيس فرقة حدود سيدي مصباح يوم 11 ماي 2016.

7. الشهيد وبيت القصيد:

نعبر عن اعتزازنا بهذا اليوم المجيد ونترحم على أرواح كافة شهدائنا، ونهيب بكل مكونات المجتمع لإحياء هذه المناسبة وندعو السلط والهيئات العمومية إلى :

إحياء هذه الذكرى وتكريم شهداء تونس الذين نادوا ببرلمان تونسي مؤكدين على سيادة الشعب وحق المواطنة،

إعادة الاعتبار لكل الشهداء الذين قضوا من أجل الإستقلال ومقاومة الاستبداد ومن أجل إرساء العدالة الاجتماعية بين الفئات والجهات،

التشديد على وجوب احترام كل ضحايا الوطن وعائلاتهم والتنديد بما تعرضوا له من عنف وما يتعرضون له من عدم الاهتمام الكافي بمطالبهم واحتياجاتهم،

التأكيد على وجوب معرفة الحقيقة فيما يتعلق بكافة الشهداء.

د. زهير بن يوسف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.