وحدها زهرات اللوز يمكن أن تنصت إليك … وحدها.. برقة أوراقها، ببياض لونها وما استرق من الزهريّ بعضه ومن الجمال كله..
سحر يحيط بغصنها وهالة من الحلم تغطّي ما حولها من مكان اختارته بلا استئذان، فقط انتظرت دورها لتؤكّد ضرورة الجمال من حين لآخر، فلا يمكن للصقيع أن يدوم طويلا، فللدّفء وقته ووقْعه الذي تنتظره كل الطيور والأزهار وفراش الحقول، كما انتظرته عيون المحبين المتعطشين للحب والدفء والسكون مع هدوء لا يزول. نسائم الزهر تنبعث من كل الأرجاء تسلّم للشعراء قلم القصائد وتمد للرسامين ريشة تُحيي ألوان الطبيعة في لوحات تخالها جزءا منك ومن كل ما هو حولك من انسياب وترحال عبر المكان والزمان وأنت لا تزال ثابتا في مكان تأبى نفسك مغادرته قبل قدميك.
ينتشر عبق الحياة في كل الأرجاء… إنه الربيع، موطن الولادة وزمن البعث من جديد. كل ما دُفن في فصول سابقة تنشق عنه المكامن ويظهر من جديد، بمنظر جديد يولد، بعبق جديد ينتشر، بجمال أروع ينبثق، بكساء يعلن حقيقة الجمال وإن أنكرتها نفس ضاق بها الحال أو إحساس غلب عليه يأس من ربيع يعود.
لا غرابة في حلول موكب الجمال، إحساس بالوجود منتصبا على عرش الطبيعة فيسلب منها أنفاس الكون ليمنحها شذًى تنتشي منه الطبيعة وتبعثه من جديد فيكون غاية في السحر والانطلاق.
وحدها زهرة اللوز تجمع بياضا ساحرا ونعومة أوراق تنتظر ولادة ثمرة معلنة أن وراء كل جمال فريد حياة أخرى لكائن آخر مفيد.
هكذا بدت لي زهرة اللوز ذات ربيع حللت عندها ضيفة فأكرمت ضيافتي.
#شذرات تعود ..
