المعالم المرتبة والمحمية: هل نحن إزاء أخطاء تاريخيّة ؟

0

د.زهير بن يوسف

قام معهد التراث بتثبيت لوحات إشهارية طبقا للأوامر والقرارات الخاصة بترتيب المعالم المرتبة والمحمية، تحمل كل لوحة اسم المعلم وتاريخ تشيده فضلا عن عدد الأمر أو القرار وتاريخ الترتيب أو الحماية، هذه اللوحات تم إنجازها باللغتين العربية والفرنسية.

وفي زيارة لي استطلاعية لقصبة باجة لاحظت أن اللوحة الإشهارية الخاصة بهذا المعلم تحمل خطأين حيث أشارت إلى أنّ قلعة القصبة من مآثر القرن الخامس الميلادي والحال أنها من مآثر القرن السادس وأن المعلم مرتب بتاريخ 03/03/1915 والحال أنه مرتب بتاريخ 24 /3/ 1892.

الوثيقة المرجعية المحكّمة في قائمة المعالم المرتبة والمحمية بالجهة تنص على 6 معالم مرتبّة بباجة المدينة وعلى تواريخ ترتيبها. وهذه المعالم هي الآتية:

الصالة المقبية بالقصبة (كذا؟)،

الأحواض الرومانية ببطحاء عين باجة،

قوس النصر بباب المدينة، البرادعية، وتاريخ ترتيبها جميعا هو 24 مارس 1892،

سبيل صاحب الطابع بباب العين،

الباب الروماني ذو الوجهات الثلاثة (كذا؟) بباب العين وتاريخ ترتيبهما 3 مارس 1915،

الحصن البيزنطي أي القلعة = تاريخ الترتيب 24 مارس 1892.

أما فيما يخص الحصن البيزنطي فإن القاعة الكبرى المقبوّة وهي المعلم البيزنطي الباقي من الحصن ليست إلا البرج المركزي الأكبر في أبراج تحصينات المدينة الثلاث والعشرين وهي تعود إلى سنة 533 أي إلى القرن السادس الميلادي وليس إلى القرن الخامس قطعا.

ومن الصعب جدا أن يكون بالوثيقة المرجعية التي بين يديّ وهي وثيقة، علاوة على كونها علمية، وثيقة رسمية، ذلك أن التاريخ الذي ضبطته لترتيب معلم سبيل يوسف صاحب الطابع بباب العين وهو 3 مارس 1915 هو نفس التاريخ الذي تم التنصيص عليه في اللوحة الإشهارية التي تفضلت الجهات ذات الصلة بتثبيتها قرب هذا المعلم ولذلك فمن العسير جدا أن تضبط بالتدقيق تاريخ ترتيب معلم وتخطئ في آخر.

بمراجعة القائمة الحالية للمعالم المرتبة الصادرة عن معهد التراث يتبيّن لنا وجود التباس منشؤه انزلاق تقني تدحرجت فيه تواريخ الترتيب عن المعالم المرتبة بحيث تداخلت تواريخ ترتيب المعالم فحل بعضها محل البعض الآخر، كيف ذلك؟

لو استبدلنا الأعداد الرتبية للمعالم المسجلة بمدينة باجة مثلا كالاتي:

عدد 339 القوس،

عدد 338 سبيل صاحب الطابع،

عدد 337 المقر الحالي لقصر البلدية،

عدد 336 الصهاريج الرومانية،

عدد 335 الحصن البيزنطي،

عدد 334 البيت المقبوة بالقصبة،

عدد 333 الباب ذو الثلاث أعمدة،

عدد 332 القنطرة الرومانية…

لأصبح بين قائمتينا الأصلية والحالية تطابق تام.

بناء على ما تقدم يتبيّن لنا بما لا يدع مجالا للشك أن معلم القصبة بباجة مثلا، سواء تعلق الأمر بالحصن البيزنطي أو بالقاعة الكبرى المقبية معلم مرتب بتاريخ 24 مارس 1892 ومن هنا وجبت المراجعة وتحتّم التصحيح،

أما عن تاريخ 3 مارس 1915 فيخص ترتيب معلمين آخرين هما سبيل باب العين والباب الروماني بالمكان نفسه ومازالت بقاياه مشاهدة إلى اليوم.

للحسم النهائي في هذه الإشكالية بصورة يمكن الاطمئنان معها بشكل كامل، ذلك أن الخطأ من شأنه أن يتسرب إلى بقية المعالم المثبتة في القائمة الحالية المعالم المرتبة والمحمية الصادرة عن معهد التراث بقطع النظر عن مجال توزعها الجغرافي فالرأي عندنا أن يتم التثبت من نص الأمر الذي رتّب هذا المعلم بعدده وتاريخه. فقد يكون الأمر متعلقا بمجرد سهو لا أكثر ولا أقل، الخطأ بشري وما منّا أحد منزه عن إمكانية الخطأ، فليبادر المعهد الوطني للتراث إذن بتدارك الخطأ على مختلف الحوامل الورقية والإلكترونية والمعدنية.

د.زهير بن يوسف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.