ورقة في الإصلاح الثّقافيّ: تراث المدن التاريخية أنموذجا -2-
زهير بن يوسف
ب. في صيانة التراث الثقافي:
ضبط التراث الثقافي الجهوي المكتوب منه والشفوي، المطبوع والمخطوط والمرويّ وذلك عن طريق:
أ. رصد المخطوطات وإحصائها وتجميعها واجتلاب ما كان مودعا منها بمكتبات بالخارج والمبادرة بالتعاون مع دار الكتب الوطنيّة والأرشيف الوطني التونسي إلى تصويرها بطريقة الميكروفيلم وصولا إلى انتساخها في نظائر عديدة مع تسفيرها وإيداعها بالمكتبات العمومية أو الجهوية أو مكتبة المتاحف الجهوية القائمة والمرتقبة تمهيدا للتشجيع الفعلي على تحقيقها ونشرها.
ب. اقتناء ما تيسّر من الدّراسات التّاريخيّة والحضاريّة المتعلّقة بكل جهة من الجهات التاريخية كأحيزة جغرافية حضارية مدروسة أو مؤلّفات أبنائها والمنتسبين إليها بالولادة أو النشأة أو الوفاة أو الاستيطان باشترائها مباشرة متى توفّرت منها نسخ مطبوعة وتصوير البقيّة وتسفيرها.
ت. توجيه نداء إلى مواطني هذه الجهات والمثقفين عموما من أجل الإعلام بما قد يكون في حوزتهم من مخطوطات أو عقود قديمة …ّوتأمينها لدى الجهات العلمية المحكّمة بالهبة أو بالبيع أو بالإعارة حتّى يتسنّى تصويرها والاستفادة منها.
ث. تشكيل لجان مختصّة بهذه الجهات لتوثيـق التّراث المرويّ وأدب المشافهة وتدوينه: شعر شعبيّ، أزجال، إنشاد صوفيّ، أقاصيص، خرافات، أغان، ملاحم…
تنظيم ندوات فصليّة وأيّام سنويّة لحماية التّراث تحتوي على روزنامة معلومة من الدّراسات والبحوث التّاريخية والأثريّة بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث والجمعيّة التونسيّة للمعالم والمواقع والوكالة الوطنيّة لإحياء واستغلال التراث الأثريّ والتاريخيّ بغاية الإعـلام والتحسيس واستقطاب الطاقات وحشد مزيد من المهتمّين وفرق البحث، على أن تكون محاور الاهتمام في هذه النـّدوات والأيّام الدّراسيّة مركّزة على التّعريف بمعـالم كل جهة من هذه الجهات وأعلامها والتراث المعماري الذي تتميّز به واقعا وآفاقا، مناهج إحياء ومسالك إدماج.
تشكيل لجان لتعريب الدراسات الأجنبيّــة ذات الصّلة وتخصيصا منها الإنكليزية والإيطالية والإسبانية واللاّتينيّة والإغريقية.
إنجاز دليل سياحيّ لكل مدينة تاريخية وضواحيها وحبّذا لو انسحب ذلك على المسلك السّياحي لكل ولاية (وضع خريطة للمعالم، التقاط صـور لها، التعريف بها وبمميّزاتها الحضاريّة صحّيا وحرفيّا وطبيعيّا وأثريّا …)
تحديد روزنامة بحوث حول المعالم الأثريّة والبنايات التاريخيّة وتوزيعها ودراسات حول ترميمها.
البحث في الوسائل الكفيلة بإعادة تنظيم النّشاط الاقتصادي والحرفيّ بالحيّز التجاريّ والصّناعيّ العتيق بالمدن التاريخية وإعادة ترتيب الصناعات الحرفيّة التقليديّة به وتوزيعها ضمن أسواقها العريقة كما هو مثال أسواق الحوكيّة والبرادعيّة، والزنايديّة، وسوق النّحاس، وسوق العطّارين، وسوق القماش، وسوق الّلفّة، وسوق الجرابة، والنجّارين، والخضّارين، والملاّسين والحدّادين بمدينة باجة العتيقة مع إدخالها في الدّورة الاقتصاديـّة والتصدّي لظاهرة الانتصاب العشوائي في الأسواق المذكورة وغياب أدنى مظاهر التنظيم وتشجيع أرباب المصنوعات اليدويّة المهدّدة بالانقراض على الاستمرار بمدّ الشبّان منهم بالخصوص بالموادّ الأوّليّة والمعـدّات الأساسيّة وتوفير القـروض وتيسير فتح المحلاّت لأنّ توفير ظروف العيش الكريم وتأمين مواطن الشّغل شرط أساس للصمود أمام كلّ التحدّيات والإغراءات.
إصدار نشريّة سنويّة خاصّة بما عسى أن تنجزه جمعيّات صيانة المدينة وما شابهها من أعمال ودراسات حتّى تعمّ الفائدة العلميـّة وتحفظ الحقوق الماديّة والأدبيّة للباحثين وفي مثال جمعيّة صيانة مدينة بنزرت أنموذج يحتذى.
استغلال المعالم التاريخيّة لإقامة المعارض ومختلف التظاهرات الثقافيّة من ندوات دراسيّة وعروض مسرحيّة وفنّية وملتقيات حتّى يستفيد العموم وتصان الفضاءات وتشحذ عزائم المهتمّين.
العناية بجمع التراث الفنّي والموسيقي الشّعبي ودرسه والتعريف به وتطويره والاجتهاد في دفع مضامينه نحو ضرورة التعبيـر عن المشاعر الراهنة لكلّ فئات الشّعب ومعاناتها اليوميّة ومتطلّبات التنمية اليوميّة (المالوف والسّلاميّة خصوصا …).
الشروع في كتابة تاريخ الحركة الوطنيّة والشّعبيّة والتاريخ الراهن بهذه الجهات بالتعاون مع المثقفيـن
و المفكّرين وفسح المجال للاستماع إلى شهادات المناضلين الذين واكبوا الحركة الوطنيّة ولم يتكلّموا بعد أو أدلوا بشهاداتهم ولم ينشروها وذلك بغاية تصحيح ذاكرتنا التاريخيّة الجماعيّة.
ولعلّ أدنى واجباتنا إزاء أحرار هذه الجهات ممن قاوموا الاستعمار وسياسات البايات القمعيّة وتصدوا للاستبداد ودفعوا الثمن غاليا في معركة الحقوق والحريات وكذا الأمر بالنسبة إلى علماء هذه المناطق ومفكّريها وسائر الأعلام الذين ارتبطت أسماؤهم بها أن نكـرّمهم بإطلاق أسمائهم على الأنهج والميادين والمؤسّسات التعليميّة والثقافيّة والدينيّة وتضاف أسماء الشّهداء منهم إلى سجلّ شهداء الوطن وتحفظ رفات المعروفين منهم بأضرحة لائقة بأماكن معلومة من مقابر الشّهداء والنّصب التذكاريّة حتّى يظلّوا خالدين في ذاكرة الشّعب.
د. زهيـــــر بن يــــوسف